آخر تحديث :الخميس-04 سبتمبر 2025-03:33م

كيف ساهمت سياسات الأمم المتحدة في تفاقم معاناة اليمنيين؟

الإثنين - 27 يناير 2025 - الساعة 12:10 ص
فارس النجار

بقلم: فارس النجار
- ارشيف الكاتب


في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، كانت الأمم المتحدة من أبرز الجهات الدولية التي ينتظر منها أن تكون حيادية ومؤثرة في تخفيف معاناة اليمنيين، ومع ذلك، فإن ممارسات المنسق المقيم للشؤون الإنسانية جوليان هارنس أظهرت، بحسب تقارير ومصادر متعددة، دورا سلبيا ساهم في تعقيد الأزمة بدلاً من حلها، وخصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين مثل ميناء الحديدة.

وممكن توضيح الامر من عدة نقاط سنوضحها في التالي:


تشير التقارير إلى أن ميناء الحديدة، الذي يُعد شريان الحياة لدخول 70% من الواردات إلى اليمن، قد تحول إلى مصدر رئيسي لتمويل الحوثيين. هذا التمويل يتم من خلال فرض رسوم وجمارك على الشحنات الإغاثية والتجارية، حيث تشير التقديرات إلى أن الميليشيات تجني أكثر من 30-50 مليار ريال يمني شهريًا من عائدات الميناء.


رغم هذه الانتهاكات الواضحة، لم يتحرك جوليان هارنس لضمان رقابة صارمة على المساعدات أو وقف هذه التجاوزات. بدلاً من ذلك، استمر في التعاون مع الحوثيين كطرف رئيسي في توزيع المساعدات، مما أتاح لهم فرصة نهب الإغاثة وتحويلها إلى السوق السوداء.


في أكتوبر 2021، تعرض عدد من موظفي الأمم المتحدة لاعتقالات تعسفية من قبل الحوثيين، بدلاً من اتخاذ مواقف واضحة تدين هذه الانتهاكات أو العمل على تأمين سلامة الموظفين، كان رد فعل المنسق الأممي مخيبًا للآمال. تشير تقارير داخلية إلى أن بعض الموظفين الأمميين طلبوا توفير بدلات تنقل لهم للانتقال إلى العاصمة المؤقتة عدن خوفًا على حياتهم، إلا أن هارنس رفض الطلب، مما أجبر العديد منهم على العمل تحت ظروف خطرة أو التوقف عن العمل كليًا.


ساهم تعامل المنسق الأممي مع الحوثيين كطرف رئيسي في توزيع المساعدات في تعزيز شرعيتهم الدولية، وهو ما انعكس سلبًا على الجهود الرامية إلى الحد من نفوذهم. على سبيل المثال:

• تشير تقارير إلى أن الحوثيين قاموا خلال عام 2024 بنهب حوالي 60% من المساعدات الإنسانية الموجهة إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

• بالإضافة إلى ذلك، فرضوا ضرائب على الشحنات الإغاثية بقيمة تتراوح بين 10% و30% من إجمالي المساعدات.


هذا النهج أدى إلى تقويض ثقة المواطنين والمجتمع الدولي في حيادية الأمم المتحدة ودورها في اليمن.


*الأثر الاقتصادي والإنساني لتقصير المنسق الأممي*


إن تهاون جوليان هارنس تجاه هذه الممارسات كان له آثار كارثية:

1. ارتفاع الأسعار: بسبب الرسوم الحوثية المفروضة على الواردات، والاتاوات ارتفعت أسعار السلع الأساسية في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

2. انهيار الثقة: تشير استطلاعات محلية إلى أن 65% من اليمنيين فقدوا الثقة في دور الأمم المتحدة بسبب ضعف الرقابة وسوء توزيع المساعدات.

3. زيادة الفقر: بلغ عدد السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي حوالي 19 مليون شخص في 2024، مع تركيز الحوثيين على استغلال المساعدات بدلاً من توزيعها بشكل عادل.


لم يعد من الممكن التغاضي عن الدور السلبي لجوليان هارنس وغيره من مسؤولي الأمم المتحدة في اليمن. لتحقيق تغيير إيجابي، يمكن تبني الإجراءات التالية:

1. تحقيق دولي: فتح تحقيق شفاف في أداء المنسق الأممي، ومراجعة سياساته تجاه التعامل مع الحوثيين.

2. نقل العمليات إلى عدن: تعزيز وجود الأمم المتحدة في العاصمة المؤقتة عدن لضمان بيئة عمل آمنة وحيادية بعيدًا عن تأثير الحوثيين.

3. تعزيز الرقابة: تطبيق آليات رقابة صارمة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون استغلالها من قبل الميليشيات.

4. تحويل الواردات: تحويل مسار السفن الى موانئ عدن والمكلا كبدائل فعالة لميناء الحديدة، وتقليل الاعتماد عليه.



في الختام يمكن القول إن استمرار تجاهل الأمم المتحدة، ممثلة بمنسقها المقيم جوليان هارنس، لتجاوزات الحوثيين يضع المنظمة في موقف محرج ويزيد من معاناة اليمنيين. إن محاسبة هذه الأدوار السلبية باتت ضرورية، ليس فقط لاستعادة ثقة الشعب اليمني، ولكن لضمان ألا تصبح المساعدات الإنسانية أداة لتعزيز الصراعات بدلاً من حلها.