إن الأخبار المتداولة حول الخطوة غير المسبوقة التي أعلن عنها مجلس القيادة الرئاسي في اليمن بعزمه على مكافحة الفساد وحماية المال العام، والتي صاحبتها وكالة سبأ للأنباء بنشرها أخبارًا تفيد بتقارير فساد تُقدَّر بأكثر من ملياري دولار صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، تؤكد ما ورد في مؤشر مدركات الفساد لعام 2023 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، الذي يضع اليمن في المرتبة 176 من بين 180 دولة، مما يشير إلى مستوى عالٍ من الفساد في القطاع الحكومي.
هذه الأخبار تذكرنا بوجود الدولة ومؤسساتها بعد أعوام من الحرب وعدم الاستقرار وكذلك تعود بنا الذاكرة الى وجود جهاز يُسمى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، كما تُبرز وجود أجهزة أخرى مكملة لعمل الجهاز ومختصة في إنفاذ قوانين مكافحة الفساد. هذا الجهاز يعمل بلا كلل أو ملل في رصد قضايا الفساد والفاسدين.
من بين الأجهزة الأخرى التي تعمل على إنفاذ قوانين مكافحة الفساد: النيابة العامة، المحاكم القضائية، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، التي تُعتبر أعلى هيئة مختصة في هذا المجال. وقد تأسست هذه الهيئة في عام 2007 عقب توقيع بلادنا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مما يُتيح لها متابعة الفاسدين حتى خارج البلاد.
وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى النشأة التاريخية للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. فقد تأسس كهيئة رقابية عليا مستقلة ذات شخصية اعتبارية في عام 1982 في عدن، وفي عام 1974 في صنعاء. وبعد ذلك، تم دمج الهيئتين في جهاز واحد يُسمى حاليًا "الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة"، وهو جهاز يتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية.
تُعتبر الوظيفة الأساسية لهذا الجهاز بمثابة مراجع خارجي للمؤسسات الحكومية، حيث يقوم بإجراء التدخلات والمراجعات وإصدار التقارير عن سير عمل تلك المؤسسات، وذلك عند تكليفه من قِبل النيابة العامة أو رئاسة الجمهورية.
هذا يدعونا إلى المطالبة بتعزيز قدرات الجهاز من خلال توفير الموارد البشرية والمالية اللازمة، لضمان استمراره في التحقيق والمتابعة لقضايا الفساد بكفاءة وفعالية.
---
د. طارق أحمد الهيج
أستاذ مساعد في المحاسبة والمراجعة
جامعة شبوة