مأخوذة من كتاب
( السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور عبدالله بن حمزة)
د. لمياء الكندي
لا يكاد يخلو كتابا من كتب الكهنوت الزيدي ومؤلفات كهنتها من الفتاوي والآراء القطعية التي يتصدرها الموقف السلالي الاستعلائي العنصري، وهي مادة كانت ولا تزال مغيبة عن الغالبية العظمى من اليمنيين حيث لم يعطوا هذه الكتب والآراء الكهنوتية الاجرامية حقها من الدراسة والنقد والخطابة والتحذير، لإظهار الوجه العنصري الاستعلائي الذي روج له السلاليون من خلال اختراعهم للزيدية كمذهب ديني بينما هي مذهب كهنوتي شرع للعنصرية ومكن كهنة البيت العلوي الهاشمي من الرمي بقاذورات افكارهم وافكها علينا كشعب تم تغريره واعادة تشكيل مجتمعة ودولته وفقهه وعلومه بما يخدم مصالح هذه الفئة المجرمة.
وبين يدينا نماذج من كتاب السعي المشكور المشتمل على رسائل الكاهن عبدالله بن حمزة، يمكن من خلالها ان نتعرف على القواعد والمقررات الاصولية لدى هذا الكاهن وغيره من كهنة البيت العلوي في قتل اليمنيين واستباحة اموالهم وفرض حكمهم بما حوت تلك التعاليم والتشريعات الكهنوتية من نصوص فقهيه واستدلالات نقلية من القرأن الكريم والسنة النبيوية تم تأويلها واختراعها بما يتناسب وفكر الكهنوت الزيدي وسلطة كهنته.
حرص كهنة آل البيت العلوي على ترسيخ فكرة الافضلية لهم على سائر الناس وحشد الروايات التي تؤيد تفضليهم واختلاق مالا يحصى من الفضائل والكرامات التي نسبوها لكهنتهم، ولم يكن ذكر كرامات الكهنة والحرص على نشرها وتدوينها عمل متجرد بغرض اظهار المكانة الدينية لكهنتهم، فقد كانوا يهدفون من خلال ذكر كرامات الكهنة وفضائلهم ترسيخ عقيدة التمكين والتأييد الالهي لهم بحيث يظهر الله تعالى وجميع الأقدار التي تخص حياة اليمنيين وتسيرها مرتبطة بمقدار رضا هؤلاء الكهنة وسخطهم عليهم لان مرضاتهم هي مرضاة لله تعالى.
ولم تختلف كرامات الكاهن ابن حمزة عن الكرامات المنسوبة لغيره من الكهنة بغرض نشر هيبة الكهنة واظهار اعلاء مقامهم وزرع الخوف في نفوس الناس عن مخاطر الخروج عنهم او معارضتهم، ومنها " ماحكاه سمان بن محمد بن عليان أنه جرى بينه وبين الشريف المشرقي - وهو مطرفي معارض لابن حمزة وبين سلمان بن مفرح بثلا كلام، فقال المشرقي ردا عليه: من كفرنا فهو كافر، ومن سار بغير سيرة أهل البيت فهو فرعون من الفراعنة، قال ثم دعي له بالغداء فزلت قدمه فعصفها، فخر مغشيا عليه فحمل الى المسجد ورش عليه الماء وورمت رجله فكان يصيح منها ليلا ونهار من شدة الالم خمسة ايام ثم انفجرت رجله بالقيح في مواضع كثيرة وكان هذه لأنه تطاول في كلامه على الكاهن عبدالله بن حمزة.
ومنها قصة علي بن موسى القيلاني المطرفي بقرية تسمى الرأسين من بلاد بني عبيد بلد وادعة، ويحكى انه اتى اليهم يلتمس الزكاة فقالوا: قد سلمنا زكاة مالنا الى الإمام، فاطلق لسانه بالسب الفظيع، والاذى الشنيع ثم انصرف الى جانب القرية فقعد بموضع بالقرب منه كلبه رابظه لا تعدوا على احد، فلما استقر بقربها وثبت عليه ووضعت يدها على كتفيه وهرت وجهة واستخرجت لسانه من بين اضراسه فشدختها بأنيابها واغار الناس عليه وقد تركته عبرة يلوك لسانه في فيه، فحملوه ولبث مدة عليلا لا يسغ المعاش حتى عاف الناس قربة ونفرو عنه وتأذو من نتن رائحته، وكان ذلك عقوبة له من الله سلط عليه الكلبة، ومنها مذكروه من ما لحق بجابر بن فلاح وكان من كبار المطرفية فاصابه الله بآفة في لسانه حتى خرجت لسانه من فيه ونزلت الى لحيته وبلغت الى صدره ومات من آفته هذه.
بمثل هذه القصص التي حرص كهنة البيت العلوي وسدنتهم على نشرها بين الناس وتدوينها تم فرض الجهل والخرافة بين اليمنيين وتم استعبادهم بمثل هذه الروايات خشية ان ينزل بهم ويلحق بهم ما يحل بغيرهم من بلاء ونقمة ولعنه تحل لكل من عارض كهنة زمانهم.
ولم يكتفي الكهنة على نشر الجهل والخرافة لفرض سيطرتهم على الناس، بل حاربوا الشعب بالجهل وبالقوة فسلطو سيوفهم ورجالهم عليه، واعتبروا ارهابهم وتسلطهم حفاظا على الدين ودفاعا عنه، بل هو الدين بذاته، ومن فتاوي الكهان عبدالله بن حمزة حكمه بجواز نهب وسبي بلد البغاة وطبعا لفظ البغاة والفساق والمنافقين عند كهنة الزيدية يعني المخالفين لهم في العقائد والقائلين بعدم جواز إمامتهم وقد قال فيهم ما نصة " ان بلد البغاة التي يظهرون عليها ويظهر بغيهم فيها، يجوز نهب جميعهم فيها كبارهم وصغارهم، وأيتامهم وأراملهم، ولا أرى سلب ما يواري النساء الثياب، واقول أن ذلك عقوبة على المستحقين ، ومحنة على الآخرين يعيضهم عليها رب العالمين إلا من اعلم من النساء أنها راضية بما فعل الباغون فإنها من الغابرين، وقد فعل الله سبحانه مثل ذلك في الأمم الماضين وهو أقدر القادرين".
ان هذا الحكم وهذه الفتوى تحتمل اوجه عديدة لشرح مساوئ وجناية هذا الفكر الكهنوتي على اليمنيين وجرأتهم على رب العالمين بأن قرنوا افعالهم المجرمة بفعله عزوجل وعقابهم الكافر بعقاب الله عزوجل، فقد وصلوا الى مقام التأليه لأنفسهم تعظيما وقدرة وتشريع وهذه جناية تكفي لتجريم فكرهم وثقافتهم ومذهبهم من اليوم الى ابد الابدين.
وفي الوقت الذي ينزل فيه الكاهن عبدالله بن حمزة حكمه على من يقول عنهم البغاة نجده يفتي بجواز الاستعانة بالظالمين والفساق ومنه قوله " " وإذا جازت الاستعانة بالكفار جاز الاستعانة بالفساق، فهو ظاهر من قول آبائنا عليهم السلام، وعليه دل فعلهم وعليه تحمل استعانة علي عليه السلام بقتلة عثمان، ونهوضه بأصحابه يريد صفين المرة الأخرى، وهو يقول في اصحابه ما يشهد بفسقهم، من حكاية لخذلانهم له، وتأخرهم عن الجهاد ، وتربصهم وذلك يقضي بفسق أكثرهم".
ان معيار الايمان والفسق والبغي لدى الكهنة هو معيار الطاعة والتسليم لهم وبذل الغالي والرخيص في سبيل طاعتهم.
واجاز الكاهن عبدالله بن حمزة نهب وسلب اموال البدو وجاء في رده بهذا قوله " وأنه يجوز عندنا استأصل أموال البدو – إن كانوا من أهل البغي في تهامة وغيرها، ولا فرق في ذلك بينهم، لأن ما في ايديهم قوة للظالمين، وبقاؤهم في بلادهم أنس للمفسدين، وقد امر الله تعالى بالهجرة من دار الفاسقين".
وبالرغم على ماطلقه الكاهن ابن حمزة من احكام على الفسقة بالظالمين والفاسقين الا انه يجوز الاستعانة بهم، بل ويذهب الى توليتهم وتعيينهم في مناصب القوة وقد اعاب عليه بعض الفقهاء ذلك ليرى ابن حمزة ان موقفه هذا لم يتعارض مع ما قام به رسول الله وما قام به الصحابة في زمانه فيقول" وما ذكر من احتجاجنا بعمل رسول صلى الله عليه وسلم وآله، فلا شك أن ذلك حجة فأما ما ذكر من صحبة أهل ذلك الزمان وإن كان الفساد كثيرا منهم، الا ترى أن المنافقين يوم أحد قريب ثلث العسكر الذين تجردوا للخروج فلو بنى ذلك دلالة العقل لما أمن رسول الله صلى الله عليه وآلة الاقدام على قبيح بأن يولي منافقا وإذا جاز ذلك جاز مثله في زماننا".
ومن خلال ذلك نجد عدم تورع هذا الكاهن في اظهار سلامة حكمه وموقفة من موالاة الفسقة بإظهار رسول الله عليه الصلاة والسلام بمظهر الموالي لهم، وقد راينا كيف وصف هذا الكاهن المجتمع النبوي بانه كان مجتمع يضم الكثير من الفسدة متجاوز شهادة رب العالمين بحق صحبة رسول الذين ترضى عليهم الله عزوجل في محكم كتابه.
وينتهج عبدالله بن حمزة استخدام القوة بكل وسيلة ضد المخالفين له ونذكر منها حادثة نصب المنجنيق لاحراق قرى المخالفين وقال في ذلك " انه يجوز الرمي به قوما دون قوم" وافتى الكاهن عبدالله بن حمزة بجواز حصار المدن والقرى ومنع دخول المواد اليها من اكل ومعونة وتجويع الناس فيها حتى يتحقق الخضوع له ولم يرى في ذلك الفعل حرج فقد رد عليه بقوله :" ولأن من اطلاقات أهل البيت أن لا نقطع الميرة على اهل القبلة فقد قطعها الهادي عليه السلام من أهل اتافث في حربه وحرب ارحب ابن الدعام، والامر متروك لنا ان نعمل باجتهادنا في ذلك وإن لم يقل به قبلنا احد".
وقد اشتمل كتاب الكاهن هذا على العديد من الاقوال التي تستدعي تجريم هذا الفكر السلالي وإنهائه ونختم حديثنا هذا بحكمه على المطرفية وقتله لمئة الف منهم ومن ذلك اقراره لحكمه وحكم الكاهن احمد بن سليمان على " انهم خرجوا من الاسلام فلا تحل مناكحتهم، ولا ذبائحهم ، ولا رطوبتهم، ولا شهادتهم، ولا يجوز دفع الزكوات اليهم، ولا الى احد منهم، ولا يجوز دفنهم بمقابر المسلمين، .ولا الصلاة على احد من موتاهم، ويحكم فيهم بأحكام الكفار، ويحكم في هجرهم واماكنهم التي غلبوا عليها وحكموا فيها على ساكنيها باتباعهم في مذهبهم بأحكام دار الحرب وهذا اخر كتاب الهاشمة الانف الضلال من مذهب المطرفية الجهال.
والادهى من كل ذلك هو اعتبار ابن حمزة قولة وحكمه وفعله موافق لقول الله وحكمه فقال"
فأن جميع اعمالنا شرعية واحكامنا نبوية على سنن قويم، وسراط مستقيم "
ودمتم بخير
#والعنوهم