مابين الاعوام 1953 و1987م امضى الاديب واللغوي والاذاعي الفلسطيني الاستاذ حسن الكرمي اكثر من ربع قرن في اعداد وتقديم برنامجه الشهير (قولا على قول) من اذاعة لندن العربيه..
كان لهذا البرنامج اصداءً واسعةً ، وشهرة لم ينلها من قبل ولا من بعد أي برنامج ثقافي اخر ، واستقطب ملايين من المستمعين والمتابعين العرب وغيرهم على اختلاف اعمارهم وتوجهاتهم وبلدانهم ومستوياتهم التعليمية والثقافية ومناصبهم القيادية ، ويكفي ان نشير الى ان الرئيس عبدالناصر والملك فيصل والملك ادريس والملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني كانو من المتابعين لهذا البرنامج .
كان الاستاذ الكرمي بصوته الساحر ولسانه الفصيح ، يقدم هذا البرنامج بعبارة :وسـألني فلان : من القائل وماالمناسبة .. ؟ تحولت عبارة من القائل الى ظاهرة بين او ساط الشباب تلك الأيام في مجالسهم ومناقشاتهم واستعـراض معلوماتهم وقدراتهم الثقافية ، وكانت من القائل ؟ حاضرة في كل مناقشة وعلى كل لسان .. من القائل ؟
كانت الحروب مثلما اليوم تشتعل ، والصراعات ايضا وعمليات الاغتيال تتم .. انما الفارق ان صراعات وحروب الامس كانت تدار بطابع اقرب الى الفروسية والوضوح وعلانية مطالب واهداف واعمال اطرافها لذلك لم تكن الاحداث تترك للتخمين وتبادل الاتهامات والاشاعات الافيما ندر ...
صراعات اليوم تدار بالنذالة .. قذرة وحقيرة ، ولا اقذر ولا احقر منها غير اطرافها ومن يحركونها .. يقتلون القتيل ويمشون في جنازته .. يذبحون زيد بسكين عمر ويذبحون عمر بسكين زيد ويحضرون جنازة وعزاء الاثنين ....
وفي وسط حومة الذهن اليمانية اليوم ، ضـاعت والأبـعـاد وتداخـلت الألوان والـظـلال ، وباتت تحدث المأسي والاغتيالات والتفجيرات والخطف ، فـيُـترك الناس في دوامة التكهنات ودوائر التخمين ، لذلك لاغرابة ان امسى الناس واصبحو في مجالسهم ووسائل تواصلهم يسئلون ويتسائلون : (من القاتل ) وينسون زمن (من القائل )
