آخر تحديث :الثلاثاء-09 سبتمبر 2025-06:21م

سلاح أمِّي الفتَّاك

الأحد - 03 نوفمبر 2024 - الساعة 05:45 م
محمد نجيب الظراسي

بقلم: محمد نجيب الظراسي
- ارشيف الكاتب


اعشق ذلك الشُّعور الَّذي ينتابني حين احلق عاليًا في فضاء أفقي الخاصِّ حين أرفرف بجناحي لأبصر كلَّ شيء تحتيّ .

أحبَّ السَّفر بين الكلمات بين الأسطر وأترك تلك الثَّنايا والعلامات والهوامش بين صفحات الكتب حقًّا كم هو لذيذ جدًّا ذلك السَّفر ذلك السَّفر الطَّويل اللَّامختصر بين الأنا وذلك الأفق البعيد ليجعلني سابحًا في كلِّ تلك الفضاءات الَّتي تركها لنا كلّ من كتب يومًا وسطَّر عصارة فكرة على كلِّ تلك الأرفف وأدَّخرها لنا في شكل أوراق تتحسَّسها أرواحنا قبل أنَّ تمسُّكها الأصابع بتلك اللَّهفة الَّتي لم يعد يشعر بها الكثيرون كثيرًا .

لا أعرف لماذا أصبحت أعشق الكتابة ولم أكن في السَّابق أطيق أن أمسك حتَّى قلمًا وورقة بل إنَّك كنت تحكم على بالإعدام شنقًا إذا طلبت منِّي بأن أشغل وقتي في قراءة كتاب وحين كانت تصرخ أمِّي في وجهي بأسلوبها الخاصِّ (طبعًا وهي تبهرر عيونها وإحدى يداها على خصرها واليد الأخرى تمسُّك بسلاحها الفتَّاك) الَّذي بكلِّ تأكيد لطالما طالني مرارًا وتكرارًا برغم رشاقتي كما طال الكثيرين منكم على ما أظن .

لا أعلم ما هي الحكمة لكن دائمًا ماتبرع أمَّهاتنا بالتَّصويب بالرَّغم من عدم تلقِّيهنَّ لأيِّ تدريبات عسكريَّة ولو على سبيل التَّعبئة ، لربَّما لأنَّها أنثى وخلقها اللَّه من ضلع أبونا أدم لتصطاد اعوجاجه بعين خبيرة .

كلُّ شيء يتغيَّر كلُّ شيء يتغيَّر ولا يبقى على حالة في زمن متسارع لم يعد يسوده المنطق بقدر ماتسودة الغوغائيَّة في إثراء الأمور بل إنَّ الغوغائيَّة أصبحت للأسف وكأنَّها ثقافة في حدِّ ذاتها والَّتي أصبحت تشكِّل تهديدًا عظيمًا على كلِّ ثوابتنا بل لربَّما يأتي يومًا ما تخلَّوا منه حياتنا من أيِّ ثوابت وقيم من يدري في ظلِّ هذا التَّسارع والانحدار السَّريع وأعتقد بأنَّنا حينها سنحتاج بشدَّة لاستخدام سلاح أمِّي الفتَّاك .