القصة او السيناريو، كما قلت سابقة يفتقر إلى الاحترافية والترابط، ويفتقد إلى صراع حقيقي مثير وعناصر التشويق الضرورية لنجاح العمل. كما وجدنا في النص حلقات مفقودة وأحداث تفتقر إلى المنطق، مما يضعف تماسك السرد ويؤثر سلبًا على تجربة المشاهد.
لم يركز النص كثيرا على عنصر الحوار الذي يسهم في تطوير الشخصيات ويدفع بها نحو الامام، فمن خلال الحوار، يُمكن التعبير عن الصراعات الداخلية والعلاقات الإنسانية. ولكن في فلمنا راينا الحوارات قليلة وغير مركزة. فمثلا حوار الاب الصامت وصديق ولده صلاح في المستشفى، كنت اتمنى ان يكون حوارا مؤثرا يسمعه المشاهد ويتأثر به بدلا عن الحوار الصامت.. ولعل قلة الحوار هو ما جعل فنان بحجم خالد حمدان صامتاً في أكثر المشاهد.. وحتى أكون منصفاً لا يتحمل الكاتب هذه الاخفاقات وحده، بل يشترك معه المخرج بشكل كبير ومباشر لعدم معالجته لذلك القصور، وسأكتفي بذكر ثلاثة أمثلة فقط توضيحا لما ذكرت آنفاً، حتى يكون النقد بناء وليس لمجرد نقد فقط:
(1) كان من غير الملائم تصوير البطل عامر كشخصية جيدة وبشوشة، ترفض التورط في ترويج المخدرات، واغضاب الله. فهذه الشخصية - المسالمة - تتناقض مع مشاعر الندم التي انتابته في نهاية الفيلم فعن ماذا يندم وهو أصلا رافض ارتكاب الخطأ مع صديقة بل وهدد بتركه ان استمر في الترويج؟!! والمنطق يقول الندم مبرر بالخطأ،
إذن إذا كان ولا بد من الندم كعنوان رئيسي للفلم فكان الأجدر أن تظهر شخصية (عامر) سيئة وإجرامية ومشاركة في ترويج المخدرات، حتى يبرر لاحقاً مشاعر الندم نهاية الفلم وتكون أكثر مصداقيّة وعمقًا في تأثير الأحداث، رغم أن أداء الفنان محمد يافعي والعملاق أحمد عبدالله حسين في مشهد الندم كان رائعاً ومؤثر كأداء.
2. قضية لا تقل خطورة عن المخدرات تم تجاوزها في النص بكل سهولة، وهي تتعلق بقضية اجتماعية مهمة، (عامر يسمع أخته تتكلم بالتليفون مع شاب...) فيبتسم ويذهب بهدوء إلى غرفته ويكتفي بالضحك والحديث مع نفسه.. وفي المشهد الثاني يراقب اخته حتى يفاجئها وهي بسيارة ذلك الشاب ...الخ، ويكتفي ايضا بكلمتين للشاب (لو تواصلت معه مرة ثاني بقتلع روحك) ويغادر مسرعاً ويعود بأخته للبيت دون أن يسديها كلمة نصح واحدة، ورغم أن سرعة ايقاع المشهد جميلة توحي بتصعيد ينتهي بالاعتداء على الشاب أو الفتاة، إلا أن ذلك لم يحدث، رغم ان #المنطق يحتم حدوث اعتداء على الشاب، كأقل ردة فعل لشاب في مجتمع مثل مجتمعنا، ولكن كان هناك خلط في تقديم المشهد، ما أضعف مصداقيته.
أن طرق هذه القضية الاجتماعية من صناع الفلم مهما جداً إلى جانب المسار الرئيسي (المخدرات)، إلا أنه كان مبتوراً، لذا كان الاجدر بكاتب السيناريو والمخرج توجيه رسالة توعوية مهمة في هذه القضية أيضا، وعدم الاكتفاء بمشهدين عبثيين للبنت والشاب وأخيها - بلا هدف - وللأسف ينتهى الفلم وهذا القضية مفتوحة دون توجيه رسالة توعوية لأولياء الأمور للتعامل الإيجابي في مثل هذه الظروف.. في الوقت الذي كان من الممكن كتابة مشهد وحوار مؤثر بين الأخ وأخته وهو ينصحها ويبين لها خطورة وخطأ ما فعلته واقتناعها بذلك ووعدها له بعدم تكرار ماحدث.
3. كنت أفضل عند الكتابة أن نلتزم بالمسميات الدارجة في مجتمعنا.. وكان الحوار سيكون أجمل لو أن أم عامر قالت (ليا ساعة وانا اصلح الحامورة) بدل (ليا ساعة وانا اصلح المناكير) أعتقد "الحامورة" ستكون أفضل، ومتعارف عليها في مجتمعنا بحامورة اظافر.
أخيراً #التصوير والموسيقى التصويرية كانت جميلة وموفقة - حسب الإمكانات المتاحة - خصوصاً في مشهد المطاردة استطاع المخرج ومدير التصوير أن يحافظوا على أيقاع المطاردة ومشاهدها عموماً. فالمبدع #علي_نجيب غني عن التعريف وفارس في ملعبه..
فقط كان من الضروري أن يظهر كيس البضاعة بيد عامر أثناء المطاردة وسقوط شريط الحبوب منه، بدلا من ظهور عامر في مشاهد المطاردة وهو لا يحمل شيء ثم فجأة - ومن العدم - يظهر الكيس في غرفته..
اما الأداء. فقد كان موفقاً من الجميع، ورغم قلة الحوار إلا أن الممثلين استطاعوا التحكم بإيماءاتهم ولغة جسدهم.
ختاما تجربة جميلة لـ المخرج محمد اليافعي والأستاذة رندا عكبور - دينمو العمل - وبداية مشرفة في هذا المجال حتما لها ما بعدها من الانطلاق ع أمل الاستفادة من النقد الفني، وتدارك تلك الثغرات في أعمال قادمة. وعدم أخذ هذا النقد على محمل شخصي.
مودتي للجميع..
ولكم حق الرد ..