آخر تحديث :الخميس-25 ديسمبر 2025-11:06م

عاصمة بيحان.. حـاضر يُـحاصر المستـقـبل

السبت - 26 أكتوبر 2024 - الساعة 04:20 م
علوي شملان

بقلم: علوي شملان
- ارشيف الكاتب


فـيما اوشك اكتمال شــغـل المساحة الجـغرافية ل(عاصمة بيحان ) او مركـزها الإداري والتجاري بالمباني والكتـل العمرانية العشوائية دونما أي تخطيط او تنسيـق او حسابات للمستقبل ، وازدحـامها بعـشرات الالاف من السكان ، إلا انها كمدينة عـانت ولا تزال تـعـاني مـن غـياب الوعـي الحضري وعـدم وجود مخطط هيكلي مـع ماله من ضرورة واهمية قصوى كخـارطة تخـطيـطية لتوجه استخدام الأراضي وتطويرها في المستـقبل لاي مدينة او منطقة ولا غنى عـنه ، وهو أحد الخطوات الأولى في تطوير المناطق الحضرية ، وأهــم وأبرز عناصر المخطط الاستراتيجي، ويعتبر الآلية التـنفيذية لاستراتيجية التطور الحضريلاي مدينة ، وهـو أيضا ترجمة للرؤى والأهداف المستـقبـلية للسياسات الحضرية في قطاعات التنمية المختـلفة ..

تاريخـياً تم وضع عاصمة منطقة بيحان (بلدة العلياء وماحولها ) عـلى مسار التحول من بلدة ــ كانت اقـرب الى الحياة البدائية ــ الى مـدينة بداً من مطلع خمسينات الـقـرن العـشرين الماضي ، وحتى منتصف العام 1967 م .. خــلال تلك الـفـترة الزمنية الذهبية مـن تاريخ بيحان الحـديث ، نهضت الامارة الهبيلة الهاشمية بمسؤولية بعض متطلبات التحـول الحضري من خـلال فتح المدارس والمستـشفى ، وتشـيـيد المباني الحكومية الادارية والأمنية الحديثة ، وإدخال خـدمة الكهرباء والمطار وخدمة النقـل الجوي ، وتخـطيط الـوسط التجاري للمدينة الناشئة بنمط معماري روعـيت فيه شروط النـواحي الجمالية والأمنية ومتطلبات العمل التجاري الحديث حينها ، وخـلـق حـركة رياضية ـــ مُلفـته يومها ــ من الصفـر الى رقـم في الرياضة الجنوبية ...

مـن عـام 1967م وحتى العام 1990 م حافـظـت الـسلطات الحكومية للدولة الجنوبية السابقة على إرث الإمارة العمراني والحضري ، وطـورت بعض جوانبه وأضافـت اليه مـن خـلال منع العشوائية في الوسط التجاري للمدينة وحـول مـرافـقها العامة ، والاخـذ والعمل بنظام التخطيط الاولي عـند صرف قطع الأراضي السكنية الجديدة ...

في الـعام 1990م تراخت القبضة الحديدة للسلطات بموجب مُستـجد اعـلان الوحـدة اليمنية .. وفي الـعام 1994م وعـلى ضوء نتائج الحـرب سـقـط ما تبقى من هيـبة للأنظمة والـقـوانين ، وتلاشى دور الـسلطات الحكومية الى وجـود شكلي لا يقدم ولا يؤخـر ، لا بـل تراجع كـل شيء الى الـخـلف بما في ذلك العـمل بالتنظيمات والاعـراف الحضـرية التي كان معمولاً بها بموجب أنظمة البليات والإسكان ..

وبدعـوى انها ارض الإباء والاجـداد استُـبيح كـل شـبر وكل متر وكـل مكان كان الـبناء مُـحـرماً فيه كضرورة للمصلحة العامة للمدينة ... في البدء حـوصرت المباني العامة والمرافـق بالعـشوائيات .. ثم زحفت العشوائية الى الوسط الجغرافي التجاري للمدينة فانتشـر بناء الدكاكين والمحلات التي شـوهت المظهر العام للســوق ، ثم اجـهز الباسطون على ما تبقى من المساحات داخــل الـسوق لتتوقف حـركة السيارات داخله ...

تمت عمليات بـيع لكـل شبر في المدينة دون أي تدخـل من أي سلطة حكومية او مجتمعية بدعـاوي انها أملاك خـاصة .. ومـع مـرور السنوات والتكاثر السكاني انتشـرت المباني السكنية والتجارية العشوائية في كـل مكان في المدينة ...

حـاضرهـا العشوائي المُخيف يحاصـر مسـتقبلها ،لا بـل يعيق ويكبل انطلاقها ، او هــكذا تبدو الصورة الان ل(عاصمة بيحان ) كمـدينة مكـتـظة بما يقـارب ال 100مـئة الف نسمه ، لكـنها تـفـتـقـد للــشروط الضرورية الهامة (للمـدينة) وقـابلـيتها للنمو والتطور ومواكبة الـزمن والتحولات ..

كـل شبر وكـل متر مـن الأرض في بيحـان ـــ بما في ذلك عـاصمتها والأرض التي شُـيدت عليها المرافق العامة والمحيطة بها ـــ تُـعـتبر ملكيات قـبلية وسكانية خـاصة ، والدولة لا تملك شبراً واحـداً ، ولا سـلطة ولا سلطان لها عـلى متراً واحـداٌ من الأرض ...

وكمدينة مُـزدحمة بكـتلة بشرية كبيرة وكُـتل عمرانية عشوائية، فإنها تـفـتـقـر في إطارها المساحي والجغرافي الى المساحات العامة المخصصة لبناء وتـشيـيد المصالح والمنافع العامة اليوم ومستقـبلاً، حـيث ستعاني المدينة اشد المعاناة مـن انـعـدام الأرض الخالية لتوسعة طريق او بناء مرفق عـام او حتى مساحة فارغـة لدفـن الامـوات ..

وبسبب انـعـدام مـرمى لمخلفات القمامة ، وانعـدام وجـود شبكـة صـرف صحي موحدة للمدينة ، وكـذا تصريف مجاري الصرف الى اودية السيول التي تـعـتمد عليها بيحان في تـغـذية الابار بالمياه الجوفية ، فـإن كارثة بـيـئية صحية كبرى تنـتظر عاصمة بيحان والمناطق القريبة منها بسبب تلوث خطير للمياه التي يعتمد عليها السكان في الزراعـة والشرب والحياة ..