تطل علينا غدًا الذكرى الحادية والستون لثورة 14 أكتوبر الخالدة، ثورة شعب أراد الحياة بعد نضال طويل ضد الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدره. رفع الشعب راية الثورة وأشعل شرارتها من جبال ردفان الأبيّة، محققًا نصرًا كبيرًا بسواعد الثوار الذين ناضلوا من أجل استقلالهم، والذي تحقق في الأول من 30 نوفمبر 1967، ليُعلن عن إشراقة عهد جديد.
اليوم أصبحت هذه الثورة ذكرى يحتفل بها الشعب، حالِمًا ومتأملًا أن يكون القادم أجمل. إلا أن الواقع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وكأننا حين نحتفل بكل ذكرى للثورة، نجد أنفسنا أمام أوضاع أكثر تعقيدًا وسوءًا. فلا جديد يُذكر في الذكرى 61 للثورة سوى أن العملة الوطنيةتواصل الانهيار يومًا بعد آخر، في ظل واقع مأساوي انتشر فيه لصوص الوطن. لا جديد في ذكرى الثورة سوى أن الغلاء أصبح مستعرًا، وكل شيء في ازدياد؛ الأسعار ترتفع باستمرار ولا تعود للانخفاض أبدًا.
انتشر الفساد في كل مكان، ولا شيء جديد بذكرى الثورة سوى أننا أصبحنا شعبًا تحت الوصاية الدولية أو في البند السابع، وغابت الدولة الحقيقية. تفشّت الآفات الاجتماعية بيننا كالنار في الهشيم، تمزقت القلوب وتفرقنا شتاتًا، وأصبح الفقر حليف هذا الشعب الذي يكتوي بنار الحرب المستعرة وأزماته المتتالية. واصبح مسؤولينا يعيشون بالخارج بعد أن أصبحوا اثرياء من خيرات هذا الشعب اكلوا الأخضر واليابس فيه وتركوا هذا الوطن منكوبًا ..
غدًا نحتفل بالذكرى الخالدة، استذكارًا لماضٍ جميل، له أبطاله وبطولاته. لكن عقولنا اليوم لا تفكر إلا في واقعنا المؤلم..
**ابتسام الناصر**