آخر تحديث :الإثنين-22 سبتمبر 2025-01:04ص

هذا ما قاله ثوار ردفان

الإثنين - 27 مارس 2023 - الساعة 12:23 ص
محمد غالب أحمد

بقلم: محمد غالب أحمد
- ارشيف الكاتب


القيادي الاشتراكي محمد غالب احمد ل" عدن الغد ": 
هذا ما قاله ثوار ردفان ..٢

ماذا قال ثوار ردفان الاشاوس قبل أقل من شهرين على إنطلاق الثورة الاك٦توبرية الخالدة ، بعد عودتهم من جبهات المعارك في حجة ونواحيها دفاعا عن ثورة وجمهورية سبتمبر المجيدة في ردهم على انذار الضابط السياسي البريطاني بتسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى ما تسمى حكومة إتحاد الجنوب العربي وعدم العودة إلى اليمن وإلا فأنهم سينالون العقاب الشديد ؟ وماذا تضمن جوابهم على ذكر  (اليمن واتحاد الجنوب العربي )


-عودة الثوار الى ردفان: 
بعد مضي عدة أشهر على مجموعة الثائر/ راجح بن غالب لبوزه في جبهة القتال في المحابشة طلبت قيادة الجبهة في المحابشة من قيادة الثورة في صنعاء في الأذن للمجموعة بالعودة العى ردفان واستبدالهم بمجموعة أخرى فوافقت القيادة على ذلك .
عادت المجموعة من حجة إلى صنعاء فأبدت بعض القيادات في صنعاء اعتراضها على عودة الثوار مع أسلحتهم فعقدت عدة لقاءات بين القيادات الجنوبية والشمالية لمناقشة هذا الموضوع ، فالقيادات الشمالية إعتبرت عودة كل متطوع بسلاحه استنزاف للامكانيات وهي محقة في ذلك والقيادات الجنوبية اعتبرت ذلك خطوة على طريق الإعداد لتفجير الثورة في الجنوب وهي ايضا محقة في رؤيتها.
على إثر تلك الإجتماعات التي لم تصل الى نتيجة رفعت القضية الى المشير عبدالله السلال رئيس الجمهورية الذي أمر بالسماح للمجموعة بالعودة الى ردفان مع أسلحتها وامر أيضا بتزويدها بعدد محدود من القنابل اليدوية ، فكانت هذه المجموعة هي أول مجموعة من أبناء الجنوب يتم تزويدها بالقنابل اليدوية ، فعادت المجموعة مع أسلحتها الشخصية والذخائر المخصصة لكل فرد مقاتل..

علما بأنها عادت بعض العناصر إلى الجنوب بأسلحتها ، ولكن ليس بصورة رسمية وبنفس العدد ، وكانت السلطات البريطانية قد أصدرت قانونا يفرض على العائدين تسليم أسلحتهم ودفع غرامات مالية قدرت بخمسمائة درهم وتقديم ضمانات بعدم العودة الى الشمال مرة اخرى.

ما أن وصل الخبر في نهاية أغسطس ١٩٦٣م عن مقدم الثوار إلى حدود منطقة ردفان حتى أشيع خبر عودتهم في جميع أرجاء قبائل ردفان فإنهال أبناء المنطقة لإستقبال الثوار معبرين عن فرحتهم بإطلاق العيارات النارية في كل قرية يمر فيها الثوار العائدون .

الإنذار البريطاني: 
بعد ايام قلائل من عودة الثوار أدركت الإدارة البريطانية في ردفان خطورة عودة الثوار فوضعت الخطط لكبح جماحهم والمتمثلة في أول الأمر في إرسال استدعاءات شفوية إلى كل الثوار المشاركين في الدفاع عن سبتمبر بأن عليهم تسليم أنفسهم مع أسلحتهم ودفع غرامة مالية تقدر بخمسمائة درهم، مع وضع ضمانات بعدم عودتهم إلى شمال الوطن ، إلا أن طلبها هذا لم يلق استجابة فما كان من الضابط السياسي البريطاني (ميلن)  إلا أن ارسل خطابا كتابيا باسمه ونائب المشيخ محمود حسن علي لخرم الى راجح بن غالب لبوزه جاء فيه:

(إلى حضرة الشيخ راجح بن غالب لبوزة ورفاقه العائدون من الجمهورية العربية اليمنية
السلام عليكم
وبعد: لقد تلقينا نبأ وصولكم من الجمهورية العربية اليمنية إلى وطنكم الجنوب العربي بين أهلكم في ردفان وأنتم تحملون الأسلحة والقنابل اليدوية وعليه فأنه يتوجب عليكم الحضور إلى عاصمة ردفان الحبيلين ومقابلة الضابط البريطاني المسئول السياسي لبريطانيا والنائب محمود حسن علي للتفاهم معكم وبحوزتكم الاسلحة والقنابل مع خمسمائة شلن "درهم" ضمانة بعدم عودتكم إلى اليمن ، وان حكومتكم حكومة الاتحاد للجنوب العربي سوف تضمن بقائكم ، مالم فأنكم سوف تنالون العقاب الشديد من حكومة بريطانيا وحكومتكم حكومة إتحاد الجنوب العربي.
والسلام عليكم

المستر / ميلن
الضابط السياسي البريطاني 
النائب/ محمود حسن علي
نائب مشيخة القطيبي
١٩٦٣/٨/١٦))

رد  لبوزه على البريطانيين :
بعد استلام لبوزة لهذا الإنذار قام بأستدعاء جميع الثوار وأبناء المنطقة الوطنيين إلى التجمع في منطقة عقيبة في ردفان وبالفعل لبى هذا النداء أبناء المنطقة وعقد الإجتماع بالقرب من منزل منصر محمد مقبل* عند بئر عقيبة وحضره أكثر من ٣٠٠ شخص .
كان الهدف الأول للاجتماع مناقشة التحذير البريطاني ومن جهة أخرى الاحتفال بالذكرى الأولى لقيام ثورة ٢٦ سبتمبر١٩٦٣ ، وحين اكتمل توافد أبناء المنطقة إلى منطقة عقيبة التي تتوسط قرى ردفان في الساعة الثالثة عصرا القى لبوزه كلمة في الحاضرين عارضا فيها مضمون التحذير البريطاني وأهدافه .
وبحكم أن لبوزة لم يكن يجيد القراءة طلب من محمد جابر سريع قراءة التحذير على الحاضرين وطلب منهم ابداء آرائهم في الرد على التحذير قائلا لهم : أنتم أمام أمرين اما المواجهة أو الاستسلام..
اننا لم نعد نقاتل بريطانيا لوحدنا معنا اليوم الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس عبدالله السلال والمناضل احمد الكبسي وأخوتنا المناضلين في شمال الوطن جميعا"
اجمع الحاضرون على مواجهة بريطانيا وعدم الاستسلام لها وفوضوا لجنة من اربعة اشخاص للرد على التحذير البريطاني وهم التالية أسماءهم:
١- راجح بن غالب لبوزه
٢- صالح حسين عوض الغزالي
٣- محسن مثنى حسين القطيبي
٤- محمد جابر ثابت سريع
وفي ذلك اليوم تحركت المجموعة الى قرية الرحيبة ، وفي منزل أولاد محسن حسين الرحيبة وبعد أدائهم صلاة المغرب اجتمعت المجموعة في المكان الذي صلّت فيه وعلى ضوء القنديل "الفانوس" كتب الرد لأكثر من أربع مرات فكان بعد أن ينتهي محمد جابر ثابت سريع في كل مرة من كتابة الرد يطلب منه لبوزة قراءته عليه فلا تعجبه الصيغة حتى تم الإتفاق على أن يكون الرد على النحو التالي:

((  إلى حضرة الضابط السياسي البريطاني المرابط بالحبيلين والنائب محمود حسن علي نائب مشيخة القطيبي.
لقد استلمنا رسالتكم الموجهة إلينا بخصوص عودتنا من الجمهورية العربية اليمنية التي تضمنت تسليم أسلحتنا وكل ما بحوزتنا من قنابل وغرامة خمسمائة شلن وضمانة بعدم عودتنا الى اليمن وتسليم ذلك إلى حكومتنا حكومة الاتحاد.
نحن نعتبر حكومتنا هي الجمهورية العربية اليمنية وليس حكومتنا حكومة الإتحاد وغير مستعدين لكل ماهو في رسالتكم. ونعتبر حدودنا هي من الجبهة ومافوق وأي تحرك لكم من تجاوز حدودنا فنحن مستعدين لمواجهتكم بكل امكانياتنا ولاتلوموا الا انفسكم .
والسلام ختام

الشيخ/ راجح بن غالب لبوزه
عن مجموعة العائدين الى ردفان من الجمهورية العربية اليمنية
١٩٦٣/٩/٢٨))

فكرة وضع الطلقة في المظروف:
باتت اللجنة التي صاغت رسالة الرد تلك اللية في ذلك المنزل وفي الصباح طلب لبوزة من كاتب الرسالة محمد جابر ثابت سريع ايداع الرسالة في الظرف وأستدعت اللجنة قاسم شايف وكلفته بايصال الرسالة الى الضابط السياسي البريطاني "ميلن" .
فقال قاسم شايف: للقائد لبوزة ماذا أقول لهم؟ فجأة سحب لبوزة من حزامه طلقة رصاص زاكي كرام 'عيلمان" وأمر محمد جابر ثابت سريع بأيداعها داخل المظروف إلى جانب الرد وقال : قل لهم انه ليس معنا إلا عيار "٥٧" ويقصد طلقة الرصاص ، وبالفعل قام حامل رسالة الرد بتسليمها الى مراسل الضابط السياسي  البريطاني واسمه صالح شائف ريشه الحجيلي في قرية الثمير.

كان لأستلام المظروف الذي يحمل رد الثوار ومعه طلقة رصاص وقع خاص لدى الإدارة البريطانية لما يحمله ذلك من معنى سياسي وعسكري ووطني ..

*هو والد الاخ والرفيق المناضل علي منصر محمد عضو المكتب السياسي  - سكرتير اول منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة عدن - عضو في هيئة التشاور والمصالحه ..

*((حقائق جديدة عن الانطلاقة الاولى لثورة ١٤ أكتوبر))  - 
تأليف الاكاديمي العسكري والاعلامي والكاتب السياسي: محمد عباس ناجي الضالعي- الطبعة الاولى ١٤٢٢ه‍-٢٠٠٢م
الصفحات التي تم اعادة نشرها بالنص الحرفي هي كالتالي (١٤٥-١٤٩) ومن (١٧٥-١٧٩) 
كتب مقدمة الكتاب رئيس الجمهورية اليمنية المشير عبد ربه منصور هادي*