قبيلة باكازم قبيلة عريضة لها ثقلها وتأثيراتها ولها أعلامها المعاصرون الذين كان لهم دورهم القيادي والريادي في تاريخ البلاد المعاصر، وهي قبيل كبير من جهة عدد قبائلها وتقع على مساحة جغرافية كبيرة تشمل ما كان يسمى قديما سلطنة العوالق السفلى في أحور والمحفد، ولها وجود في مناطق خارج حدود سلطنة العوالق السفلى، وفيها الكثير من القادة والشجعان والشعراء والشخصيات الاجتماعية.
وكان كثيرا ما يتبادر إلى ذهني بعض الأسئلة حول الأصل الجامع الذي تعود إليه هذه القبيلة الكبيرة، خاصة أنه منتشر عند بعض الناس خرافة لا أساس لها من الصحة وهي أن باكازم هم إخوان الصبيحة فيقولون:
(صبيح بن أحمد أخو كازم بن أحمد)
ويكفي لبطلان هذه الخرافة أن نعلم أن الصبيحة أصابح من حمير، بينما باكازم لم يرد لهم بهذا اللفظ (باكازم) ذكر في المصادر القديمة كغيرهم من قبائل المناطق المجاورة شرقا وغربا وذلك بسبب تغير أسماء القبائل ويلاحظ ذلك كل من قرأ في كتب الأنساب والبلدان العربية الكثيرة.
وفي أثناء انشغالاتي بالبحث عن دثينة وبحكم قرب دثينة من باكازم والمحفد تبين لي مسألتان:
*الأولى*
: أن باكازم قبائل عامرية كندية، وفي الكتب القديمة ما يشير إلى كندية هذه القبائل التي تقطن هذه المساحة الجغرافية، بما لا يدع مجالا للشك أن قبيلة باكازم قبيلة كندية.
أما لفظة باكازم فقد وجدت في تراجم بعض الأعلام عند (بامخرمة في قلادة النحر، وفي ثغر عدن، وعند الجندي في السلوك)
أن هناك قبيلة تقيم في هذه المنطقة الجغرافية تسمى (المخازمة) أو المخازم ولعله جرى تحريف للاسم إلى الكوازم ثم باكازم.
مثلا : قال الجندي في السلوك (٢/ ٤٥٦)
وَمن قرى أبين ........
أبو الْعَبَّاس أحمد بن أبي بكر بن إبراهيم الرَّسُول المخزمي نِسْبَة الى قوم يُقَال لَهُم *المخازمة وهم بطن من كِنْدَة واحدهم مخزمي* بِفَتْح الْمِيم ثمَّ سُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة ثمَّ زاء مَفْتُوحَة ثمَّ مِيم ثمَّ يَا نسب مولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة .
.
وقد أفادني أخي الباحث القدير إبراهيم الكازمي أن أول ذكر للفظة باكازم ورد مكتوبا كان عام ١٧٠٠م .
*الثانية*
أنه لم يرد في المصادر القديمة ذكر لمدينة المحفد، فهل يعني هذا أن اسم المحفد اسم حديث مثله كمثل مودية ولودر وجيشان علة وغيرها؟
ربما يكون ذلك كذلك ولكنا نحتاج إلى توثيق الفترة التي سميت فيها هذه المدينة بالمحفد.
ولكن
عند بحثي عن مواضيع تتعلق بدثينة وجدت في كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني ما يشير إلى أن المحفد اسم قديم جداً ولكنه لم يكن بهذا اللفظ بل جاء باسم ( *المحدث* ) كما في صفة جزيرة العرب للهمداني.
وظني أنه حصل له بعض التحريف وتحول إلى المحفد، وهذا التحريف كثير جداً في كتب البلدان قديما وحديثا. خاصة أن الهمداني ذكره ضمن قرى بني عامر الكندية.
قال الهمداني في الصفة:
ونعيد الصِّفة في أحور: أحور أوَّلها الجثوة قرية لبني عيذ الله بن سعد القويع لبني عامر من كندة، الشَّريرة لبني عامر أيضاً، *المحدث قريب من البحر لبني عامر*
صفة جزيرة العرب ص٩٦
ضف إلى ذلك أن الهمداني لم يكن دقيقا في تحديد المواقع. فلم يحدد موقع المحدث بدقة.
وهذه مجرد شرارة بحث يضعها الباحث بين يدي الباحثين من قبيلة باكازم وغيرهم من المختصين، وأرجو أن يفيدني كل من لديه المزيد عما كتبت .
والله أعلى وأعلم،
وفوق كل ذي علم عليم.
