آخر تحديث :الإثنين-04 أغسطس 2025-02:31ص

خواطر من وحي الزلزال

الجمعة - 10 فبراير 2023 - الساعة 09:23 م
خالد محمد الحنشي

بقلم: خالد محمد الحنشي
- ارشيف الكاتب


ونحن نستطعم المآسي والعذابات؛ و نحتسي أقداح الألم المستبد ؛ وَنَئنُّ أنين المطحونين تحت أقدام ذلك القدر الوجودي المقيت والمتطفل على عدمنا وسباتنا اللاوجودي ـ نتعزى ونتأسى ونتجاسر بما نشاهده من صور مشرقة ومضيئة للتعاضد والتعاطف والتلاحم  وجميل الإخاء بين جنس  بني الإنسان، ومن استفاقة الضمير الإنساني الجمعي عند كل بلوى ولأواء تمس الأخ الإنسان ، والكائن الإنسان.

إن الشعور الإنساني الواسع بالانتماء لذلك الكيان الإنساني العريض المتجاوز لحدود التمايز الديني والعرقي والقومي والجغرافي، هو ما يحد من نزوات المجتمعات الإنسانية الطائشة تجاه بعضها، ويعزز الجبهة الإنسانية أمام غضب الطبيعة الجبارة وعدوانيتها تجاه الأحياء والأشياء، ومن جموح ذلك الكوكب الوحشي الآبد الرافض أن يمتطيه كائن ، أو يسكنه أحد !
وفي خضم ذلك التكاتف والاصطفاف الإنساني الرائع والناصع إزاء غضب الطبيعة وسادية الأرض؛ وما أحدثته من أهوال مروعة نتيجة الزلزال الأخير ،وما نلاحظه دائما من تألم  وتوجع كل البشرية جمعاء  وتقاسم الجميع الأسى والحزن مع  المنكوبين، ومد يد الغوث والمساعدة من مختلف دول العالم بشكل يجسد الفضيلة والقيم الإنسانية السامية -

نجد البشرية لا تخلو من الشياطين والقلوب القاتمة الممتلئة بغضا وكراهية إزاء كل كائن لا يشاركهم ذات التوجهات الفكرية والتصورات .
أقول ذلك من وحي مناسبة اليوم الجمعة وخُطَب المنابر الطافحة بالكراهية للغير ولأتباع الديانات الأخرى وتكريس نظرية المؤامرة الحمقاء، وارتفاع الأيادي مصطفة نحو السماء كالرماح المركوزة، للدعاء للخالق بأن يزلزل الأرض تحت أقدام غير المسلمين ، ويهدم أسقف منازلهم الخرسانية الضخمة  فوق رؤوس أطفالهم  الرخوة، في حين أن  أؤلئك غير المسلمين الذين تطالهم دعواتنا الشريرة مشغولون في سوريا والأناضول  بإنقاذ جرحانا ورفع الأنقاض من فوق أجسادنا، ويسارعون الزمن  بكل ما أوتوا من إمكانات وقوة  لتضميد جراحنا، وأساطيل طائراتهم تشق الأجواء شقا لإيصال فرق الإنقاذ والإسعافات الطبية والأدوية والأغذية ومستلزمات الإيواء ولا زلنا ولا زالت حكومات البلدان المنكوبة تستغيث بهم وتطلب منهم المزيد بحكم ما لديهم من إمكانات ومهارات وتقنيات لا نملكها نحن.

أيها الداعون بالشر والموت والدمار لمن جاء بالإحسان إليكم ! 
لطفا!  كفوا ألسنتكم العدوانية، وأنزلوا أياديكم المرفوعة،  لقد تطاولت ووصلت  السماء ، وقصرت عن الغوث والعطاء
ووصلت أيادي غيرنا
سوريا وتركيا قبلنا !

كفانا شيطانية! كفانا سادية!
كفانا لؤما !

هلموا ننشر قيم الإنسانية والمحبة والتسامي والسلام.