رمضان هو موسم الصدقات والخيرات , لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل.و الناس في أيام رمضان المقبلة يغفلون عن حقائقها البارزة الواضحة فينسون أن ما ينفقونه من أموال في سبيل الله، هي صدقات ورحمات وبركات، وهي من أموال الخالق تبارك وتعالى، التي ابتلاهم وامتحنهم بها، فالأوضاع الاقتصادية في بلادنا صعبة و متداعية، و في طريقها إلى مزيد من التداعي، والأسعار في ارتفاع مستديم مستطير، والجشع يترعرع بيننا ويكبر والطمع في ازدياد وتعاظم , وإن أبرز ما يحول بين الموسرين وبين الفلاح، هو البخل والشح اللذان يغلاّن المرءويكبّلانه عن فعل الخير، فنراهم يكنزون الأموال والذهب والفضة ، ولا ينفقونها في سبيل الله وفي إقالة عثرات اخوانهم المحتاجين والمعوزين الذين بهم خصاصة وسغب وإملاق .ولو قهر أهل الأموال شحّ أنفسهم، لكنا في نعيم مقيم، فالمال متوفر والخيرات متوفرة والمحتاجون متوفرون. والنبي بعد الله عز وجل يدلنا على الخير فيحذرنا من الشّح ( إياكم والشح...) لأن الشّح أهلك من كان قبلنا وجعل المسلمين طبقات، موسرين متخمين،ينفقون على الملذات والمظاهر - الا من رحم ربك -، ومعسرين متضورين من الفاقة والجوع والقلّة.امّا الذين أصابتهم بلوى الشّح والبخل والتقتير، فمصيرهم واضح جلي. قال تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم) نحن في ظروف اقتصادية ومالية قاهرة صعبة تقتضي مواجهتها استدعاء كل ما في مجتمعنا من خير ومروءة ورحمة وتعاون وايمان.
فبيننا اليتيم الذي فقد سنده وعائله، وبيننا الأرملة التي توحّدت في مواجهة صعوبات الحياة وقسوتها، وبيننا طلاب العلم الذين يكابدون من أجل الصمود في ظروف قاهرة، وبيننا الأسر المستورة المتعففة عن السؤال ومد اليد،وبيننا في المقابل، الخير والرحمة والتكافل الذي يتمثل في قوله تعالى (... ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) .فنحن مقبلون على أيام تتجمّع فيها على ارباب الاسر، حاجات عديدة قلما تجمعت معا في السابق: رمضان الكريم وعيد الفطر والتحضير لدخول أبنائنا الطلبة الى المدارس وحاجاتهم وقبول أبنائنا في الجامعات ومقتضيات ذلك وغيرها من النفقات التي تنوخ بثقلها المهلك على أسرنا الكادحة محدودة الدخل أو عديمته حتى.نحن في مركب واحد ولا مفر من التعاون، فليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع، ومعروف عن مجتمعنا اليمني انه المجتمع المتكافل ومجتمع العون والرحمة والتماسك، وفي الظروف الصعبة مثل ظروفنا يتجلى كل ما فينا من خير ورحمة وتواد.
فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل، والصوم لابد أن يقع فيه خلل أو نقص، والصدقة تجبر النقص والخلل، ولهذا أوجب الإسلام بين الصيام والصدقة فالجمع بينهما من موجبات الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفا، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها؛ أعدها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام".فالله سبحانه وتعالى يعتق الناس في رمضان ويجود عليهم ويرحمهم، والله يرحم من عباده الرُّحماء،فمن رحم الناس وجاد عليهم فالله يجود عليه ويرحمه برحمته التي وسعت كل شيء "