آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-02:52م

المشاغبون في طريق استعادة الجنوب العربي

الإثنين - 28 مارس 2022 - الساعة 08:27 ص
طه بافضل

بقلم: طه بافضل
- ارشيف الكاتب


يكاد يجمع غالبية أبناء المحافظات الجنوبية في الجمهورية اليمنية، أن (الوحدة اليمنية) التي أنجزت عام 1990م فشلت وانتهت، ولعل مخرجات الحوار الوطني المنعقد في العاصمة صنعاء بين كافة مكونات المجتمع اليمني السياسية الحزبية والمستقلة، والذي استمر من 18 مارس 2013م واختتم أعماله في 25 يناير 2014م، قد أكدت على هذه المسألة، وذهبوا يتحاورون حول آلية جديدة وصيغة تجديدية لمفهوم الوحدة، وخرجوا بمصطلح اليمن الاتحادي كشكل جديد للنظام السياسي اليمني.

إلا أن مكونات الحراك الجنوبي الفاعلة على أرض الجنوب قاطع أكثرها "الحوار الوطني" وأكدت على أن الوحدة انتهت، وليس مقبولا لدى الجنوبيين أي شكل من أشكال الوحدة والاتحاد، وأن أبناء الجنوب العربي من باب المندب إلى المهرة سيظلون يناضلون حتى يستعيدوا دولتهم التي وقعت على وثيقة اتفاقية الوحدة اليمنية، وبما أنها فشلت وانتهت فالعودة منطقية لما قبل تاريخ 1990م.

ومنذ 2007م وأبناء الجنوب يرفعون صوتهم عاليا ضد النظام القائم، وحقهم في تقرير المصير، وحتى بعد انتهاء الحوار الوطني 2014م واحتلال مليشيات الحوثي صنعاء 2015م وانتصار المقاومة الجنوبية على الوجود "الحوثي عفاشي" في عدن وتحريرها، ثم قيام المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعد محاولة لجمع شتات الجنوبيين وتوحيد كلمتهم وسيرهم جميعا نحو تحقيق الهدف الكبير وهو استعادة دولة الجنوب، وأن يكون المجلس هو الحامل السياسي الذي طالما نادى الجنوبيون بضرورة إيجاده وتحقيقه على أرض الواقع ليصبح أبناء الجنوب كالجسد الواحد أقوياء متحدين ومترابطين جميعا حتى يستعيدوا دولتهم.

وكحال العمل البشري، يعتريه النقص والخلل، وتتسرب إليه حظوظ النفس، وخوف ذهاب المصالح الجمعية والفردية، وضعف الحضور، وسحب البساط وغيرها من السلبيات التي تحتاج من الأفراد التجرد للوطن وللقضية وللهدف الأسمى، والحذر من أن ينجح أعداؤهم في تفتيت لحمتهم ووحدة هدفهم واستقامة دربهم، وهذه السلبيات هي أحد أهم المشاغبين في طريق استعادة الدولة الجنوبية، والتي نحن بصدد الحديث عنها، لنرى كم هو طريق استعادة الدولة طويل وصعب الوصول إذا ظل المشاغبون يفعلون فعلهم في تأخير أو تثبيط وتيرة العمل النضالي الجنوبي للخلاص من الكارثة والمصيبة الجاثمة على أرض الجنوب العربي.

المشاغب الثاني الرافعون لشعار (الوحدة أو الموت) أتباع النظام السابق وتنظيم الإخوان المسلمين فرع اليمن  ومعهم كل من لديه فكرة الوحدة الإسلامية والأممية وبقايا القومية. المضحك والمحزن في آن، أن أصنافا من هؤلاء البشر، فئة وصلت عقولهم إلى السذاجة بشكل لا يصدق حيث أنهم يدافعون ويستميتون في الدفاع عن هذا الشعار الظالم، تحقيقا لمصالح المتنفذين المتمصلحين من موضوع الوحدة، والتي رفعت أرصدتهم المالية وبنت لأشخاصهم ومن حولهم مستقبل من الثراء الفاحش أما هؤلاء السذج لا يصلهم سوى شيء من المال مقابل التطبيل لأسيادهم أو تحقيق مصالح آنية مؤقتة، وليذهب بقية الشعب إلى الجحيم، وليهوي بعدها البلد إلى أسفل السافلين بالانهيار التام.

ثم يأتي مشاغب ثالث وهو من يرفع شعار إقامة دولة حضرموت أو المهرة وهم في غالبيتهم، يضربون على وتر إعادة المجد الحضرمي الموغل في القدم عندما كانت حضرموت مملكة أو سلطنات متفرقة المهم هدفهم مشاغبة لكل من يذكر (الجنوب العربي) كانتقام عجيب واحتقان مكتنز في المخيلة والعقل الباطن لما قامت به الجبهة القومية والحزب الاشتراكي ضدهم في السابق.

أما المشاغب الأخطر هي الدول الإقليمية والدول العظمى التي لم يستوعب قادتها وأجهزة الحكم فيها مشروعية قيام دولة جنوبية ودولة شمالية في اليمن أو بالأصح دولة الجنوب العربي ودولة اليمن ونهاية الجمهورية اليمنية. هذا المشاغب تكمن خطورته كونه الطرف الأقوى في المعادلة فبيده القرار الدولي والدعم للطرف الذي يؤيده من الأطراف المتنازعة، مع أنني أرى أن الظروف والأحداث المتتابعة والمتراكمة على أرض الجنوب أفرزت نتائج إيجابية لمصلحة إعادة النظر في الموقف السلبي الدولي من قضية إقامة دولتين بدلا من الجمهورية اليمنية.

سيظل المشاغبون يشاغبون، ويعبثون، ويتحركون، كلما حقق الجنوبيون تقدما ونجاحا في مسيرتهم النضالية، وكلما ازدادت فضائح وفشل وانكشاف المناوئين المعارضين للقضية الجنوبية واستعادة الدولة الجنوبية المغتصبة.