آخر تحديث :الإثنين-07 يوليو 2025-12:23ص

تطبيق الشمول المالي في القطاع المصرفي ضرورة ملحة

الأربعاء - 19 يناير 2022 - الساعة 05:17 م
د. علي ناصر الزامكي

بقلم: د. علي ناصر الزامكي
- ارشيف الكاتب


إن قرار الحكومة بشأن تشكيل لجنة إعداد الموازنة العامة للدولة لعام 2022م خطوة مهمة ورئيسية في اتجاه الإصلاح المالي والاقتصادي برغم كل المحاذير التي يمكن أن يتحدث بها البعض إلا أن إعداد الموازنة العامة للدولة خطوة اساسية ورئيسية نحو وقف استخدام الادوات التضخمية وبنك سحب على المكشوف والتوجه لضبط ومعالجات  الاختلالات المالية والنقدية والإدارية على حد سوا والتي تحول دون  الاستفادة من أدوات الحلول المتاحة  لتجاوز الازمة المالية  والاقتصادية اليمنية والذي كان من أحد أسباب ظهورها  المضاربة بأسعار الصرف للعملات الاجنبية ونشوب وتفاقم الازمة المالية والاقتصادية  الخانقة الذي عانى ويعاني منها شعبنا اليمني من أقصاه إلى أقصاه ، وأرهقت حكومته وقيدت أدوارها التنموية المستدامة  تجاه شعبها.

وأننا نؤكد أن من الأهمية بالتوازي مع جملة الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تسعى  إلى تنفيذها الدولة ممثلة بحكومتها ، تبني تطبيق أداة مالية على قدر عالي من الأهمية للنجاح القطاع المصرفي ونجاح دوره التنموي والمالي المستدام في الاستقرار المالي والاقتصادي ، سيما في هذه الظروف الذي تعيشها بلادنا والذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى أهمية دور وتفعيل القطاع المصرفي لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية لتعزيز قيمة العملة الوطنية.

 ومن الأهمية أن تمتلك البنوك العاملة في اليمن القدرة على التكيف مع تهديدات بيئة أعمالها التي تتصف بالتغير الدائم والتحديات المؤثرة في أدائها المالي والمصرفي ، والتغلب على التحديات التنافسية والأزمات التنظيمية وتشكيل فرق العمل في هيكلها لإدارة الأزمات وهذا ما يتطلب تطبيق الشمول المالي ، حيث يأتي أهمية تبني تطبيق الشمول المالي في استقرار القطاع المصرفي وتعزيز قدرة جميع الأفراد في المجتمع بما في ذلك محدودي الدخل على الاندماج والإسهام في بناء مجتمعاتهم وتحسين القدرة على متابعة ومراقبة حركة الأموال لتقليل مستوى الجرائم المالية والعمليات المتعلقة بغسيل الأموال وبتمويل الإرهاب والعمل على خفض وسحب الكتلة النقدية  التي هي خارج نطاق الجهاز المصرفي وما له من أثر في نجاح البنوك النجاح الاستراتيجي المستدام  المطلوب لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي المنشود.    

ولأهمية وحداثة موضوع الشمول المالي والمهتمين سنقوم باستعراض مفاهيم الشمول المالي وابعاد قياسة بتصرف  وفق رسالة ماجستير في ادارة الاعمال للطالب فارس عبدالله غرسان تشرفت بمناقشتها العلمية والعلنية في كلية العلوم الاجتماعية والتطبيقية برنامج التعليم عن بُعد بجامعة عدن  ، حيث يعد الشمول المالي من الموضوعات الحديثة المهمة التي برزت علـى الساحة الدولية بعد نشوب الأزمة المالية العالمية في العام 2018م؛ فقد بـات واضـحـا الاهتمام العـالمي مـن المنشآت الماليـة الدوليـة والبنـوك المركزيـة والمؤسسـات النقديـة بموضـوع الشمول المالي. 

ويقصد بالشمول المـالي وصـول المنظمات والأفراد إلــى المنتجـات والخـــدمات الماليـــة المتـــوافرة، التـــي تقابـــل احتياجـــاتهم مثــل المعاملات، والمدفوعات والإيداع والائتمان والادخار، وتوصيلها للمستفيدين بشكل مسؤول ومستدام (البنـك الـدولي،2016م)، والشمول المالي يعـني: تقـديم الخـدمات الماليـة بتكلفـة أقـل وجـودة أكبـر؛ ولـذلك فإن توسـعة دائـرة المسـتفيدين من الخدمات المالية ستسهم في تمكين المجتمع ككـل، وتعزز الاستقلال المالي للإفراد وتحقق تنمية اقتصادية مستدامة بالإضافة إلى الاستخدام الأمثل للموارد (معهـد الدارسـات المصـرفية، الكويـت،2012م).

وقد وضـــع البنـك الـدولي وتحالف الشمول المالي ( AFI Inclusion Financial of GlobalPartnershipFinancial ( والشراكة العالمية من أجل الشمول المالي  ) ( Alliance Inclusion GPFI) ، الأبعاد العالمية لقياس الشمول المـــالي،و هـــي: (الوصول للخدمات المالية ، واســـتخدام الخـدمات المالية ، وجـــودة الخدمات المالية). ويعني الشمول المالي: أن جميع فئات المجتمع يمكنها الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية وتستطيع استخدام هذه المنتجات والخدمات استخدامًا فعالًا وأن هذه المنتجات والخدمات قد صممت على وفق احتياجات جميع أفراد المجتمع.  

هذا واستعرضت دراسات قياس الشمول المالي على الصعيد العالمي أن 31 ‎%‎ من البالغين لا يوجد لديهم أي حسابات مصـرفية لعـدم امتلاكهم المال الكافي؛ مما يعنـي أن الخـدمات الماليـة حتـى الآن  ليسـت فـي متنـاول المسـتخدمين ذوي الـدخل المـنخفض، وبسـبب عوائـق أخـرى أيضـا تمـنعهم مـن فـتح حسـاب مصـرفي كعامل المسـافة، وعـدم الوصـول لمـزودي الخـدمات المالية، ونقص الوثائق اللازمـة؛ بالإضـافة إلـى عدم الثقـة فـي مقـدمي الخـدمات المالية (البنك الدولي، 2016م).

وعلى الصعيد العربي لازالت  المنطقة العربية تسجل أحد أدنى المستويات في العالم فيما يخص الشمول المالي؛ حيث إن 18% فقط من السكان في المنطقة امتلكوا حسابات مع مؤسسات مالية عام 2014م، مقارنة مع %43في البلدان النامية، و24% في دول إفريقيا، وتنخفض هذه النسبة إلى 13% عند النساء، وتشير أرقام مؤشر تعميم الخدمات المالية العالمي 2014م إلى أن المنطقة العربية، تسجل أعلى نسبة من البالغين المستبعدين من الخدمات المالية، حيث إن 80% من السكان ليس لديهم حساب مصرفي ، حيث لم تتجاوز نسبة الشمول المالي في المتوسط العربي 21%-29% عام 2016م، في المقابل سّجل الشمول المالي نسبا منخفضة في اليمن والصومال والعراق  بنحو 6%، و8%، و11%، على التوالي (مجلة اتحاد البنوك العربية، العدد 436).

د / علي ناصر سليمان الزامكي / عميد كلية العلوم الاجتماعية والتطبيقية بجامعة عدن