آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-02:52م

أربع سنوات من حكم البحسني

الأحد - 18 أبريل 2021 - الساعة 11:07 م
طه بافضل

بقلم: طه بافضل
- ارشيف الكاتب


في يونيو المقبل، سيكمل اللواء الركن فرج سالمين البحسني مدة أربع سنوات في منصبه محافظا لأكبر وأغنى محافظة في اليمن؛ حضرموت التاريخ والأصالة، أصل العرب، كان المفترض فيمن يتولى قيادتها أن يحقق الكثير من أهدافها وطموحات أهلها، لم يحدث شيء من ذلك.

سيقول المحبون؛ البحسني حقق الأمن والأمان، نقول لهم: التحالف العربي هو من فعل ذلك، وليس الرجل الذي غاب عن مهنة العسكرة أكثر من عشرين سنة لم يحدّث فيها معلوماته العسكرية بل كان مجرد محاسب في محطة أو معرض سيارات بالسعودية، والمعروف أن الجيوش الحربية في تطور مستمر لمعلوماتها ومعارفها وخططها..

التحالف العربي، هو من غض الطرف عن سيطرة تنظيم القاعدة واحتلاله مديريات ساحل حضرموت، وهو من ترك للتنظيم العنان يسرح ويمرح ويهيمن عليها سنة كاملة، ثم هو من قرر الطريقة والخطة والآلية لرحيل التنظيم الإرهابي وما البحسني وغيره من القيادات القبلية إلا أدوات استخدمت لتحسين هذه الصورة البشعة من عمر حضرموت.

لكن، وللإنصاف أن نذكر أن البحسني كان الشخص الذي اتفق عليه الجميع في البداية بعد التحرير، فكانت شخصيته جامعة لشتات التجمعات العسكرية تحت لواء المنطقة العسكرية الثانية فسارت الأمور بشكل انسيابي وآمن.

أربع سنوات من حكم البحسني، باض الفساد في حضرموت وفرّخ وانتفش وظلت المحافظة تراوح مكانها في سوء خدماتها، وبنيتها التحتية إلا في بعض المواقع التي لا تكفي لتجميل صورة هشاشة أداء السلطة في المحافظة، ومنظومة إداراتها المتخبطة التائهة، وظلت رهينة حماقة وفساد المركز المنفي أو ما يسمى بالشرعية اليمنية.

الطريقة الإدارية التي اتبعها البحسني في إدارة شؤون المحافظة خليط من الاعتداد بالرأي والتخبط في اتخاذ القرار وفشل في الاختيار للأشخاص الذين يعيّنهم ويكلفهم للوظائف الحكومية باختلاف مواقعها ومستوياتها، وأصبحنا نشعر أن الرجل يمكّن لأبناء قبيلته وحلفائها على حساب الاستحقاق والأهلية الوظيفية. أو يعيّن ويكلّف بطريقة التوصية من فلان لفلان أو من أحبه ورضي عنه ولو كان مغمورا بلا خبرة وتجربة..

البحسني ليس له في الإدارة المدنية، فلماذا يقع في ازدواج وظيفي؟ يكفيه قيادته للمنطقة الثانية. لقد فشل في اختياراته للمسؤولين؛ فتجد أنه يُبقي على من عليه ملاحظات جمة وشكوك في طريقة إدارته وفشله السابق، والبحسني يصر على إبقائه وعدم إقالته، وأما الجيد الذي يستحق التعيين أو التمديد له فلا يختار، أو يقال دون أن يخبره من قبل، بل وهو في ميدان العمل يأتيه الخبر أن البحسني أقالك، حتى أصبحت قراراته تتخذ كثورة غضب جارفة لا تروّ فيها ولا اتزان.

طابور من المستشارين، لم يغن نفعا للمحافظ، بأن يسلك به طريق النجاح والتوفيق في إدارة المحافظة، وكأنه يريد أن يصرف المال لإسكات من سيقف ضده، او يظن أنه أكرمه لجهوده وسيرته السابقة، فيضعه مستشارا، وإلا فبالله عليكم مافائدة هؤلاء وحضرموت الغنية لم تستطع أن تحل مشكلة الكهرباء ولا تصلح الطريق ولا تضبط الأسعار وحتى المطار الذي افتتح مؤخرًا ظل رهين الإغلاق أغلب سنوات حكمه حتى فتح مؤخرا بعد اتفاق الرياض.

الأرقام الفلكيّة في إيرادات المحافظة أغنت المسؤول وأفقرت الشعب والوطن، فلم تفلح في إيقاف حيلة "الطاقة المشتراة" ولم تستطع بناء محطة كهرباء لساحل حضرموت كافية وافية وتوفر لها وقودها وزيوتها بانتظام، ولم تفلح في ضبط حركة جمارك مينائي المكلا والشحر ولا إيقاف لوبي تجار المشتقات النفطية ومحتكري البضائع التجارية وضبط الأسعار..

فوضى وتخبط، وغموض وعدم وضوح، ووعود بالجملة للحضارم لم تجد حظها من الوفاء على الواقع، وكأن الرجل أعجبه أن يكذب على الناس أو يخرج له فريق عمله التمثيليات المسرحية إما بإظهاره كزعيم حضرموت الأول أو أنه البطل الذي يوهم الناس بأنه يقف أمام الشرعية التي تظلم حضرموت، وتلك الشرعية هي أصلا تعلم من هو اللواء البحسني وهي التي جاءت به ليبقى الوضع في حضرموت تحت سيطرة المتنفذين وليس لتطوير المحافظة وخدمة أهلها.

وادي حضرموت، هو الآخر ظل على حاله من غياب الأمن والأمان، واستمرار عمليات الاغتيالات والثأر، ووجود عناصر التنظيم الإرهابي تعبث وتسرح وتمرح ولم يتحقق ما وعد به البحسني من طي صفحة وادي حضرموت السوداء وتحقيق ما يصبو ويطالب به الحضارم..

حضرموت غنية بكل شيء، لكنها للأسف لم تجد قيادة حرة تستطيع أن تجعل منها أنموذجا يحتذى به من الالتزام والتنظيم والانضباط في كافة مجالات الحياة العملية وهي تملك شعبا حالما يعشق النظام والقانون ويخضع ويلتزم إذا وجد أمامه قيادة قدوة منضبطة حازمة في وجه الفساد والعبث والفوضى ترتقي بالمحافظة نحو المجد ولو كانت في الزمن الاستثنائي..

بعد سنة من توليه المحافظة كتبتُ حينها مقالا بعنوان (المحافظ البحسني والخيارات المتاحة)، كنت كعادتي ناصحا للرجل لا غير؛ فهل بعد أربع سنوات هناك خيارات متاحة لاستمراره؟ الواقع يقول: لا.