أصبت بالحيرة والاندهاش حال علمي بأن وفدا جنوبيا من أعيان مدينة عدن /ولا نعلم من أعطاهم صكوك التمثيل والتحدث باسم عدن / زار محافظة إب وقدم اعتذارا لأعيان المحافظة بسبب تعرض بعض المواطنين من محافظة إب لإيقاف حافلتهم من محتجين في عدن ..وقبل الحديث عن هذه الواقعة الغريبة كل الغرابة عن نمط حياتنا الاجتماعي في المدينة الحضارية الأولى في الجزيرة والخليج ..فأننا نعلم ميول هذا الوفد الحزبية وأصولهم المناطقية ولذلك فهم ليمثلون عدن ولكن يمثلون الحزب الديني الذي غرسهم عنوة وبهتان في خاصرة عدن وأصبحوا يمثلونها بكل بجاحة وصلف يحسدون عليه .
إما الحيرة والاندهاش ..فأننا شعب الجنوب لنا قيم وتقاليد متبعة ومعمول بها منذ الأجداد وهي سيادة الأنظمة والقوانين التي تحكم علاقة الناس بعضهم بعضا ومن له حق او من تعرض لأية سلوكيات خارجة عن هذه الأنظمة فأنه يأخذ حقه بالقانون دون الحاجة للوفود والأعيان لتقديم الاعتذار أكان لهذا الشخص او تلك الجهة وتعايش في عدن كل الأصناف والأجناس وعاشوا قرون عديدة تحت سيادة طائلة القانون لأفرق بينهم الا من خلال التقيد والالتزام بالأنظمة المتبعة .. ويستغرب المرء حال استعراضه لتلك الأسماء التي تبرعت لتقديم الاعتذار كيف قبلت على نفسها تأدية واجب الاعتذار وهي من كانت مدينة عدن لها فضائل على هؤلاء في تعليمهم وحضريتهم ان يتركوا ويركنوا النظام والقانون ويعودون للوراء لأزمنة التخلف ويعودون سنين حضارية بمثل هكذا موقف الا إذا ..الا إذا علمنا يقينا ان غايتهم ومأربهم ليس الاصلاح ولكن (الاصلاح ) السياسي الذي يسعون جاهدين لإقحامه في ثنايا شعب الجنوب وهم يعلمون ان كل الجنوب العربي يمقتهم وينبذهم في مزبلة التاريخ .
على ان الجانب الأهم ..هو من الجدير بالاعتذار من توقفت حافلته بعض الوقت ام من يقتل ويسفك دمه من قرابة عشرين عاما وما زالت دمائهم تسفك وأرواحهم تزهق وممتلكاتهم تصلب وثرواتهم تنهب وأبنائهم ورجالهم في البيوت وعلى الأرصفة دون عمل ولا وظائف .. ومن يستحق الاعتذار أبناء عدن الذين كل لحظة وكل ثانية يتعرضون للموت والتنكيل من السلطة الجاثمة على الصدور ومن قوات الأمن المركزي والسياسي والوطني وإطلاقهم للنار بكل عشوائية وإطلاق سراحهم بعد عمليات القتل والتنكيل ..عشنا وشفنا الوضع المقلوب الضحية يعتذر للجلاد والحياة الحضارية والمدنية تستبدل وتتغير بالأعراف القبلية والتقاليد العقيمة التي جعلتهم في تخبط والتفاف حول الذات لأنهم يتعاطون مثل هذه الأساليب والإشكال في حل خلافاتهم وسيبقون هكذا إذا لم يلحقوا بركب المدنية والحضارة .
عدن وحدها ودون سواها ومعها مناطق ومحافظات الجنوب كلها هي من تستحق الاعتذار الرسمي والحكومي والشعبي القاعدي والقيادي لما تعرضت له خلال عقدين من الزمان لكل صنوف الذل والعبودية والمهانة وليس من توقفت حافلته الا إذا ما زلنا نحتكم لشريعة العفاش وانما بوجوه جديدة ..إما انتم يا ذوي الأصول الشمالية ومن يحرككم (الأحمر ) من قريته فدعوا عدن لحال سبيلها فلها رجال وأبناء قادرون على صنع ربيعها الذي تأمله ومستقبلها الذي تحمله وعودوا إلى قراكم .