لكي تقنع العالم والناس باليمن الجديد الذي تسعى إليه يجب أن تقدم نموذجاً واقعياً لهذا اليمن، لا تحدثني عن يمن فوق الشجرة.
تستطيع أن تقود ألف مسيرة ومسيرة، تستطيع أن تغضب ألف مرة ومرة، تستطيع أن تصرخ بعلو صوتك وأن تزمجر، لكن هل تستطيع أن تجمع كل أفكارك الإيجابية وتساهم معنا بشكل فعال في حملة منع انتشار السلاح في تعز، ورفض الفوضى تحت أي مسمى، وتنظيم أسواق تعز من الازدحام ومنع الفتنة المذهبية والصراعات الحزبية؟! هل نستطيع أن نعمل معاً لجعل تعز يابان اليمن؟
عندما ننجح في جعل تعز مدينة مدنية بلا فوضى ولا سلاح ولا عشوائية ونقدمها نموذجاً لليمن بأكمله، عندها فقط سيتحدث العالم كله عن قوة ثورتنا ونجاحها.
الوجوه لا تتغير في هذه البلاد، نظل ندور في دائرة من نفس الوجوه، ولو كانت مقتصرة على الوجوه لهان الأمر، المشكلة الكبرى في الجهل، أي تغيير مهما كانت قوته يستحيل يجيب نتائج مرضية إذا استمر الجهل لدى الناس، حياتنا كلها غلط في غلط؛ المبادئ والثقافة والفكر نعيشها بشكل منعزل عن الواقع الذي يحتاج لتغيير جذري، طريقة التعليم خاطئة جملة وتفصيلاً، الطلاب بيدرسوا أشياء ما بيحسوا بها بعيدة عن هواياتهم، وكلها نظرية مافيش أي رؤية حقيقية واضحة أو مشروع عملي ليمن منتج لا مستهلك واحد بيصلح والثاني بيخرب وبقاء الأشرار سيظل طالما ظل الجهل سيد الموقف في اليمن؛ لأن الجهل باعتقادي هو القاتل رقم واحد في هذا البلد فهو يشكل أرضية خصبة لكل شيء سيء.
المواطن عندما يشقى ويتعب ويقضي عمره في حلم ولا يستطيع أن يحصل على حقه وتأتي الأحزاب لتتقاسم كل شيء وفق مبادرة أو محاصصة أو مقررات أو قرارات، كل هذا يدمر الناس نفسياً ومعنوياً، ضروري المواطن يحس بالتغيير لكي يبذل جهده ويحب بلده ويحقق مستقبله. «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وعندنا الأخ بيأكل حق أخته، والأخ بيشارع أخوه ويتقاتل معه على لبنة أو لبنتين، والبائع بيغش عيني عينك، والشاهد زور بيجلس تجاه المحكمة وينادي الزبائن تشتي شاهد».
إذا كنا لم ننجح على مستوى مدينة واحدة في تخليصها من أعباء القمامة المتكدسة أو فوضى الازدحام المنتشرة، أو جنون انتشار السلاح الذي يفرض نفسه مستثمراً عجزنا عن إيقافه، فكيف ننجح في تخليص البلد بأكمله من ذلك الكم المهول من النفايات السياسية والاقتصادية والتعصبية؟!!
الثورة تغيير، والتغيير سلوك ومشاركة ومعاملة.
لنكن على مستوى التحدي ونقدم نموذجاً إيجابياً لليمن المدني الذي نريده، ولتكن تعز هذا النموذج، ما هو دوري في مدينة تطمح أن تكون نموذجاً مدنياً مصغراً لليمن السعيد الذي نطمح إليه؟
عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.
* نقلا عن الجمهورية