عاش الوطن الجنوبي تحت وصاية الاستعمار البريطاني لـ ١٢٩عاما كما قام الاستعمار البريطاني ببناء منازل سكنية ومنها مباني شارع المعلا الذي كان أفضل شارع على مستوى الوطن العربي وتأسيس قناة تلفزيونية في عدن وهي أول قناة في الجزيرة العربية وبناء مصافي عدن الشهير وتطوير الميناء وتأسيس نادي رياضي وغيرها من المرافق الخدمية والخدمات الأساسية في ذلك الزمن.
وبعد قيام ثورة الـ ١٤ من أكتوبر المجيدة لعام ١٩٦٣م رحلت بريطانيا عن بلادنا في الـ ٣٠ من نوفمبر لعام ١٩٦٧م فمنذ بزوق فجر الاستقلال للجنوب العربي من الاستعمار البريطاني لعدن وبقية المدن الجنوبية بشكل كامل لن تجد دولة الجنوب المستقلة قيادة رشيدة لإدارة شؤونها في الوطن كالإعمار في البنية التحتية وتوسعة الطرقات وتقييم المؤسسات الحكومية الخاصة لنهضة الشعب اقتصاديا أو في جميع المجالات الاخرى.
يقول بعض المسنين الذين عاصروا النظامين السابقين لدولة بريطانيا ودولة جنوب اليمن بعد الاستقلال بأن الرئيسين زايد بن سلطان وقابوص بن سعيد عندما كانا ياتيان إلى عدن يتمنيان أن يبنوا بلادهم مثل العاصمة عدن لأنها كانت تشهد في ذلك الزمن فنا معماريا وتطورا حضاريا واقتصاديا وثقافيا ولكن من خلال حنكة هذين الرئيسين الذين جنبا بلادهم الحروب والاتجاه نحو البناء والانفتاح التجاري استطاعا بناء بلديهم في السبعينات وهي كانت صحاري قاحلة وسبقا قيادة الجنوب في التطوير نتيجة أن قيادة الجنوب انتهجت الخلافات والصراعات ولم تتجه لتطوير البلاد للتقدم والازدهار بالرغم أن بلادنا شهدت نهضة عمرانية واقتصادية وثقافية قبل كل البلاد الخليجية.
وما نسمعه من بعض الآباء يقولون حقيقة عاش الجنوب بعد الاستقلال حقبة من الزمن تحت ضل نظام وعدل ومساواة ورخص في البضائع تحت نظام مؤسسات الدولة ولكن قيادة الجنوب كانت تتنافس على المناصب القيادية وهذا هو ما أوقع شعب الجنوب تحت وصاية الشماليين بعد تسرع الرئيس البيض للوحدة الاندماجية في عام ١٩٩٠م دون الرجوع إلى شعبه وإلى القيادة الجنوبية سواءً السياسية أو العسكرية لتشاور معها من أجل الحفاظ على دولة الجنوب من أي غدر قد يحصل من الطرف الآخر ولكن البيض تهور وأصر على رأيه من دون أخذ رأي الآخرين ورمى بالمصالحة الوطنية بين الفرقاء من أبناء شعب الجنوب عرض الحائط وهذا مايعاني منه الجنوبيون إلى اليوم.
بعد الوحدة اليمنية الذي كان شعب الجنوب يتأمل فيها الخير إلا أنها قسمت الجنوب إلى أحزاب سياسية وأحزاب دينية للتصارع فيما بينها دون تحقيق ما يسمو إليه شعبهم على الواقع منذ عام ١٩٩٠م يريد شعب الجنوب أن ينعم بالأمن والاستقرار ونهضة البلاد في كل المجالات مثل دول مجلس التعاون الخليجي ولكن خلال تلك الفترة دمر كل شيء جميل كما فقدوا بعض المؤسسات الحكومية ألتي كانت بصيص أمل لهم وتم تجويعهم وإذلالهم منذ اجتياح بلادهم من قبل نظام المخلوع بمشاركة أحزاب سياسية ودينية.
وهاهي اليوم الأحزاب السياسية اليمنية المتلبسة بغطاء الدين رغم أنها بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي الحنيف تريد ان تتلذذ بقتل أبناء وطننا الشرفاء تحت مسميات ومبررات سياسية لئيمة سبق وأن استخدمت أساليبها هذه في حرب صيف عام ١٩٩٤م بدعاوى تكفيرية.
الشعب عانى مافية الكفاية فعلى الجميع أن يضعوا أيديهم بأيدي بعض حتى نرى الدولة المشرقة لكل الشعب الجنوبي ويتركوا التحزبية السياسية والدينية التي صنعها المحتل في أرضنا منذ الغزو والاجتياح من أجل تمزيق الجسد الواحد إلى أجزاء عديدة ليسهل له تنفيذ أجندته الداخلية والخارجية.
فالوطن للجميع أما الذين لازالت أيدهم ممدودة لخدمة أحزاب في شمال اليمن والله لن تجد لها اي مكان في الجنوب فجنوب اليوم ليس جنوب الأمس الشعب قد وعي ومورست عليه كافة المؤامرات منذ قيام دولة الجنوب في الستينات والأيادي الشمالية تنخر في هذا الشعب ولا زالت إلى الآن فشعبنا قد أدرك كل ما أحيك عليه من المؤامرات السياسية ممزوجة بالفتنة المناطقية ولكن لن تتكرر مرة أخرى فمن أراد أن يعيدها فهو واهم.
الجنوب قدم قوافل من الشهداء والجرحى والأسرى ضد الغازي المحتل ولن يساوم الشعب على دماء الشهداء الذين رووا تربة الوطن الطاهر بدمائهم الزكية فاغلبية الشعب ستسير على نهج الشهداء الذين دافعوا عن العرض والدين واستعادة الدولة المسلوبة وتحقيق الأهداف التي ضحى وقتل من أجلها الشهداء ولا مكان في أرضنا لمن يريد إرضاء المحتل وخاينة دماء شهدائنا وأسرانا وجرحانا وتنفيذ مشاريع المحتل مقابل المناصب والأموال فالجنوب اليوم قد رسم خريطة دولته السابقة والجديدة بدماء القوافل من الشهداء التي قدمت أرواحها فداء للوطن الجنوبي.