آخر تحديث :الإثنين-15 سبتمبر 2025-11:59م

استنساخ حكومي

الأحد - 23 يناير 2011 - الساعة 12:13 م
أحمد غراب

بقلم: أحمد غراب
- ارشيف الكاتب


أحمد غراب

لو قارنا بين تصريحات خمسة وزراء يمنيين متعاقبين على وزارة واحدة لوجدناها نسخة واحدة، وكأنهم مستنسخون من وزير واحد، أو ربما كأنهم طبعات متوالية من الكتاب نفسه، مع اختلاف الغلاف (وزير طبعة أولى، وزير طبعة ثانية منقحة، ووزير طبعة ثالثة مراجعة لغويا...).


ولا يقتصر التشابه على الكلام فقط، وإنما أيضا في المهام:

 

- قص شريط الافتتاح.

 

- وضع حجر الأساس.

 

- الدوام في المطار.

 

الأغرب من ذلك كله أن الوزارات في بلادنا تشترط على الموظف أن يكون ذا خبرة سابقة، في حين أن الوزير نفسه لا يشترط فيه الخبرة السابقة.

 

الأشد غرابة أنك تجد مشاريع متعثرة تنتقل من وزير إلى وزير حتى تصل إلى الوزير الخامس ولم تبارح مكانها، والأمثلة كثيرة، منها المحطة الغازية في الكهرباء، ومنها إعلان عدن منطقة حرة، ومنها مشروع توسعة مستشفى الكويت، ومنها طريق "معبر – الشرق"...

 

لاحظوا معي مخرجات الدورة الوزارية من وزير إلى آخر، على سبيل المثال لا الحصر: عند المقارنة بين خمسة وزراء في وزارة مثل الكهرباء نجد المحطة الغازية، والجديد الذي يميز وزير عن وزير هو طور الطاقة "الصوطية" المتنامي ولو بطريقة عكسية، فتجد: مشروع طاقة بمياه الأنهار في عهد الوزير الأول، تتطور إلى مشروع طاقة نووية عند الثاني، ثم إلى طاقة بالرياح لدى الثالث، فطاقة شمسية لدى الرابع، ثم نخرج جميعا من الطاقة القمرية ونحن نهتف: "يا قمر قميرة.. يا سراج الليلة!".

 

وعلى هذا المقياس يمضي معظم الوزارات. والمضحك فعلا أنك تجد معظم حديث الوزراء في بلادنا لا يخلو من عبارة: "الوزير اللي قبلي كان كذا وكذا.. أنا جيت سويت وفعلت وأوجدت وأبدعت نظام جديد اسمه بلبل بلي بالة...".

 

وبقليل من الإمعان تكتشف أن الوزير يعيش في عالم من الإنجازات محصور بينه وبين نفسه لا يلمسه الناس في الواقع، ولكنه موجود في عقل الوزير وفي تقاريره وفي بروشوراته، وكأن مقياس العمل بالنسبة له لا علاقة له بتخفيف معاناة الناس ومعالجة مشاكلهم وتقديم الخدمات لهم.

 

 


ومن أوجه الشبه أيضا أن كل واحد يلقي بأخطائه على من سبقه، مثلما سيلقى الوزير الذي سيلحقه بأخطائه عليه؛ يقول لك: "أنا جيت الوزارة هذه وحالتها حالة، فأنقذتها من الدمار وحررتها من العشوائية وأجهضت البيروقراطية و... و... و... الخ".

 


 


* السياسية