العنوان «قطر وحرب تحرير اليمن»، لكن قد يكون من المفيد التوقف أولاً عند اعترافات عيسى السويدي المدان في قضية التنظيم السري غير المشروع، الاعترافات، في مضمونها الكلي، معلومة لدى من حضر محاكمات التنظيم السري، حيث ورد اسم القطري عشرات المرات، ولم تكد جلسة تخلو من أدلة تؤكد تورط الدوحة في دعم الشرذمة القليلين من انقلابيي الإمارات، فما الجديد المفيد في اعترافات السويدي؟في خلال المحاكمات، رفض جميع المتهمين وصف الإطار الذي ضمهم ب«التنظيم»، مع أن الجميع أيضاً أقسم في بداية المحاكمات على قول الحق، وها هي الاعترافات العلنية لعدد منهم تؤكد على أن ما ضمهم تنظيم حقيقي عمل في سرية للاستيلاء على نظام الحكم في الإمارات برعاية ودعم من قطر، ما يؤكد صواب كل ما ورد في تحريات أمن الدولة وتحقيقات النيابة، وصولاً إلى ما استندت إليه أحكام المحكمة.الجديد المفيد أيضاً النفي القاطع لادعاءات التعذيب والمعاملة السيئة، وهي ادعاءات وردت على لسان المدان القطري محمود الجيدة وعدد من الإماراتيين المدانين، وحسب السويدي الذي يستحق التهنئة يقيناً على معرفته الحق أخيراً، وعودته إلى المبدأ والضمير، فإن المعاملة إنسانية إلى أبعد مدى، مع توفر العلاج المناسب والمعيشة الملائمة التي قل وجودها في المؤسسات العقابية حتى في البلاد المتقدمة.اعترافات السويدي وسواه ترسل رسالة واضحة إلى المجتمع، وإلى الشباب خصوصاً: فكرة الوطن هي الأرحب والأجمل، والفكرة الحزبية الضيقة ضياع وضلالة، وها هم بعض المدانين في قضية التنظيم السري، بعد عودتهم إلى نور اليقين، يرون أنهم قبل سجنهم كانوا يعيشون في سجن تنظيمهم الباطل، وأنهم لم يعرفوا نسيم الحرية إلا عندما تحرروا من الفكر الضيق بالرغم من وجودهم في السجن «الكونكريتي» الحقيقي.في العنوان الرئيس، يلفت النظر، إلى حد الصدمة، وصف قطر وإعلامها حرب تحرير اليمن بأنها «الحرب على اليمن»، حيث أصبحت هذه العبارة تقال أينما ورد ذكر الحرب، مقرونة بالتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومحور القول هنا أن قطر التي فقدت ذاكرتها كانت عضواً في التحالف منذ بدء الحرب ولم تنته علاقتها معه إلا قبل شهور قليلة، فهل كانت قطر، والسؤال موجه إلى قيادتها وشلّة المستشارين والمرتزقة والمستفيدين.. هل كانت قطر مشاركة في «الحرب على اليمن»؟أي دور مارسته الدوحة في اليمن والحالة تلك؟ هل يمكن الوثوق بهذا الدور، مع وقوف قطر إلى جانب الانقلابيين الحوثيين علناً الآن، الأمر الذي يذكر بما لا ينسى أبداً، دعم قطر للحوثيين في الماضي، وقد أثيرت مسألة وقف الدعم كمطلب معلن في أجواء اتفاقي الرياض والرياض التكميلي (2013 و2014 على التوالي).ملف قطر في اليمن ملف مليء بالأخبار والأسرار، وسلوك نظام قطر في الوقت الراهن إزاء حرب إعادة الشرعية في اليمن يدل على الموقف المضاد للتحالف منذ فجر عمليتي عاصفة الحزم وإعادة العمل، فلا مفر من كشف أسرار هذا الملف، وفضح جرائم قطر في خلال مشاركتها في التحالف، ومن قبل ومن بعد.هل تنسى دول التحالف أو اليمن خيانة قطر في حرب انطلقت نحو صيانة الكرامة وحماية المقدسات، وهل ينسى شعب الإمارات دم شهدائه الأبرار الذين لقوا وجه ربهم الكريم، بعد غدر قطري ووشاية قطرية؟لا بد من محاكمة نظام قطر على كل جرائمه، وعلى رأسها جريمة مشاركته الصورية الكاذبة في حرب تحرير اليمن، فيما كان يخطط لنصرة الحوثي ضد شركائه، في سلوك ساقط سيظل وصمة عار، أبد الدهر، على جبهة نظام الدولة التي فقدت ماء وجهها كما فقدت الذاكرة.