آخر تحديث :الأحد-17 أغسطس 2025-02:26ص

الحرية.والكتابة مع الصديق احمد عبداللاه

الثلاثاء - 06 مايو 2014 - الساعة 04:15 م
علي صالح محمد

بقلم: علي صالح محمد
- ارشيف الكاتب


كتبت إلى صديقي الرائع احمد علي عبداللاه  المهاجر في ارض الله الواسعة بحثا عن فضاء  يحتضن ملكاته المهنية كمختص في جيولوجيا البترول "دكتوراه من المانيا"، ومكنوناته الإبداعية ككاتب وأديب وشاعر له ديوان "نورا"،  وذلك بعد ان جرب الوطن المهزوم ووصل معه إلى  مفترق ثم فراق،  فذهب بعيدا بحثا عن عالم يجد فيه  قدر من الحرية  لأنه ( حيث تكون الحرية يكون الوطن ) كما يقول بنجامين فرانكلين.

كتبت  إليه قائلا:

 ياصاحبي مواضيع  الكتابة شانها كالشعر تأتي الأفكار بلا استئذان ، الفكرة  تشكل جوهر الموضوع ، وحين تفرض علينا الأفكار لا تجد لها صدى في عقولنا ، حتى الكلمات  تتبخر ، واشعر بالظماء للحروف ، وأجمل الأفكار هي تلك التي تنبع من القلب ومن العقل معا ، تلك التي تنساب بلا ضغوط لترسم الصور بالكلمات تعبيرا عن الحرية .. حرية العقل قبل كل شيء لان (العقل روح الحرية حسب ليبتز) والحرية مضمار العقل .

 وهناك القيود وذلك الشرطي الداخلي متعدد الوجوه  الذي يقيدنا و يتحكم في سلوكنا.وهي القيود التي  تولد وتنمو وتكبر معنا ورغما عنا لتتقوى  وتتشعب لنصبح أسرى لأسوارها وموانعها الذهنية والمادية  الكثيرة حكاماً ومحكومين   ،   لهذا يصيح    طاغور بحزن  ( ثقيلة هي قيودي ، والحرية كل مناي ، واشعر بخجل وانا أحبو إليها  ) فهناك شرطي  العادات والتقاليد ، والشرطي الاجتماعي ، وشرطي الحكومة، وشرطي المرور ،  وشرطي البيت ،وعاقل الحارة ، ومع التطور التكنولوجي نشاء شرطي التقنية الذي يرافقك في بعض البلدان  في كل مكان عوضا عن الشرطي البشري  ، حتى أصبح( الهاتف الذكي ) شرطيا جديدا ومرافقا لصيقا يحصي ويرصد كل حركه، بما في ذلك الأنفاس كما يبدو ، وان تحررت من احدها لكنك لا تستطيع الفكاك أو  ان تتحرر من الشرطي الداخلي  المغروس في داخلك والذي يرافقك في حلك وترحالك ، وكما يقول جان جاك روسو( يولد الإنسان حرا ولكنه في كل مكان يجر سلاسل الاستعباد ). هكذا هو الحال يا صديقي مع ان (الحرية شمس يجب ان تشرق في كل نفس ) كما يقول المنفلوطي .

 أجابني الصديق الرائع احمد  بالقول:

 (صباح الفل أخي الغالي علي ، صباحك سكّر وأرضك عنبر ولك ألف محبة ومحبة وأكثر ولقلمك الجميل تحية. بالفعل ليس هناك أهم من الكتابة فهي عالمنا الذي يولد كل يوم فينا وننقله للقراء، العالم الذي يجب ان يكون، لو بيدي كنت فضلت ان أعيش في هدأة ريفية بعيدة وأنذر حياتي للقراءة والكتابة ... لكن الواقع يفرض عليك الكيفية التي تعيش معها مثلما يفرض عليك تدافعه القوي والغريب ... نحن جيل عصروه حتى اليباس واخرجوا منه الافتتان الطبيعي بالحياة واستبدلوه بداخلنا بمفارقات ليس من السهل ان تتعايش دون ان تفجر فينا الغضب والرفض وهو ما نحاول ان نعبر عنه باقلامنا كثيراً أو قليلاً لكننا نعيش بذلك من اجل ان نتصور على الأقل بأننا نساهم في تغيير هذه الكوارث وذلك لو تدري يا عزيزي  انه عمل عظيم. ولهذا قلمك الجميل يجب ان يفتتح حلمه عند كل نهار ومهما تشعبت الكتابة إلا أنها تسير نحو هدف واحد. تعرف يا علي زمان في الجنوب كان لنا نهر دون مياه والآن لدينا مياه ولكن دون نهر لهذا نظل نحفر في الأرض كي نشق مجرى لمياهنا تتعمق وتتكاثر ويصير نهر جميل وربما تمنحنا الأقدار ذات يوم فرصة ان نقف على شاطئه لنودع الأعمار بابتسامة شاردة ونحن مطمئنون على جيلنا القادم ).

دمت  ياصديقي المبدع احمد  ودام قلمك الرائع المتجدد كالنهر والمفيد كالماء العذب