عندما نتحدث عن أبين فنحن لا نتحدث عن محافظة عادية في جغرافيا الجنوب بل عن وجع متجذر في الذاكرة والوجدان أبين ليست أرضاً وحسب بل رمز للتضحية والكرامة لكنها في الوقت نفسه صورة للخذلان والعبث الذي تمارسه فئة من أبنائها قبل أن يمارسه الغريب
ما يؤلم حقاً ليس ما فرض على أبين من الخارج بل ما نخرها من الداخل هناك من يرفع اسم أبين كشعار لكن أفعاله تقول عكس ذلك تماماً يتحدثون عن الانتماء وهم أول من باعوا الولاء في سوق المصالح يتحدثون عن الكرامة وهم يغرسون خناجر الغدر في خاصرة المحافظه
هؤلاء الذين يتغنون بحب أبين جعلوا من الفساد ديناً ومن الفاسدين أولياء يبررون السقوط بأنه مصلحة عامة ويمارسون النهب باسم “الوفاء” حتى صارت المحافظة حقل تجارب لأصحاب النفوذ والصفقات المشبوهة والأدهى من ذلك أن من يعترض أو يفضحهم يتهم بأنه عدو أبين وكأن السكوت عن الخراب أصبح معيار الوطنية
أبين اليوم لا تعاني من قلة الموارد ولا من انعدام الكفاءات بل من طغيان المنتفعين الذين يعتاشون على فوضاها من أولئك الذين يريدونها ضعيفة حتى تبقى مصالحهم قائمة ويخشون أن تنهض لأنها حين تنهض ستنفض عن نفسها غبارهم وتلفظهم خارج أسوارها
نحن لا نكره أحد ولكننا نكره التزييف باسم الحب ونرفض أن تتحول أبين إلى غنيمة بين أيدي السماسرة والمتسلقين من يحب أبين حقاً لا يدافع عن فاسد أفسدها ولا يبرر لمن نهب خيراتها ولا يغض الطرف عن من يتلاعب بمستقبلها
لقد آن الأوان أن نقولها بصوتٍ عال
كفى عبثاً بأبين كفى تزييفاً باسم الانتماء وكفى دفاعاً عن الوجوه التي نهشت جسد المحافظة حتى العظم فالمحافظة لا تبنى بالشعارات ولا تنقذ بالخطب بل بموقف شجاع يقطع الحبل السري بين الفساد والانتماء الكاذب
وسيأتي اليوم مهما طال وتكشف فيه الوجوه وتسقط الأقنعة وتعود أبين لمن يحافظون عليها أولئك الذين لم يساوموا يوماً على كرامتها ولم يجعلوا منها طريقاً لمكاسبهم الشخصية.