عُدَيْنَةُ التاريخ وعبق المجد مدينة لم تعرف الانكسار ولم تنحن يوماً لظلم أو طغيان هي تعز التي تولد من رحم المعاناة لتزهر حريةً ونورا وتنهض من بين ركام الحروب لتقول للعالم هنا كانت الثورة وهنا لا تزال جذوتها مشتعلة في قلوب الأحرار.
مدينة السلام والثقافة مدينة الفكر والنضال كانت ولا تزال عنوانا للوعي ومصدرا للفخر من أزقتها خرجت الكلمات التي غيرت مجرى التاريخ ومن جبالها انطلقت البنادق التي دافعت عن شرف الوطن وفي كل لحظة مفصلية من تاريخ اليمن كانت تعز حاضرة في المقدمة تزرع الأمل وتروي الأرض بعرق أبنائها الأوفياء.
وحين وقف وزير الدفاع اليوم في الحفل المهيب بين أبناء تعز لم يكن حضوره مجرد زيارة بروتوكولية بل كان اعترافا رسميا بأن تعز قلب الوطن النابض وأنها شريان الصمود والعزيمة في معركة الدفاع عن الجمهورية كان المشهد مهيبا بكل تفاصيله مشهدا يختزل مسيرة مدينة لم تتعب من النضال ولم تفقد ثقتها بأن اليمن سيعود قويّا بشموخها وبصبرها.
تعز اليوم حاضرة في ربوع الوطن كافة حاضرةٌ بعقلها وفكرها برجالها ونسائها بشهدائها
ومثقفيها بأطبائها ومعلميها حاضرة في مؤسسات الدولة وفي جبهات الشرف وفي ساحات الوعي التي تحرس الذاكرة الوطنية من التزييف هي التي تصنع المجد في كل ميدان وتمنح الوطن نبضا جديدا كلما خبت عزائم الآخرين.
لم تغب تعز يوما عن المشهد الوطني فهي التي قدمت قوافل من الأبطال في معارك التحرير وهي التي صمدت رغم الجراح فبقيت شامخة لا تكسر كل حجرٍ فيها يحكي قصة تضحية وكل شارع يشهد على ولادة حلم جديد بالحرية والكرامة.
ولأنها مدينة ولود بالكرامة فإنها ستظلّ عصية على القهر تنير الوطن بعزتها وتكتب المجد بأفعال أبنائها وتثبت أن البناء لا يكون إلا من رحم المعاناة وأن الوطن لا يقوم إلا على أكتاف الشرفاء الذين آمنوا بأن الانتماء ليس شعارا بل تضحية ومسؤولية.
تعز هي الذاكرة التي لا تمحى هي الوطن حين يضيع وهي البوصلة حين تتداخل الاتجاهات فكما كانت حاضرتنا في الحرب والعطاء والصمود فإنها اليوم حاضرتنا في البناء والسلام تعيد رسم وجه اليمن الجديد بإصرارها وإيمانها.
سلام على تعز وسلام على رجالها ونسائها على كل من آمن أن الكرامة لا تشترى وأن المجد يكتب بالعرق والدم لا بالشعارات وسلام على وزير الدفاع الذي وقف في حضرة المجد بين أبناء مدينة لا تغيبها العواصف لأنها ببساطة مدينة وُلدت لتبقى.
محمد العنبري