آخر تحديث :الأحد-07 ديسمبر 2025-10:01م

المجد لإفتهان .. والعار للقتلة

الجمعة - 19 سبتمبر 2025 - الساعة 01:12 م
محمد العنبري

بقلم: محمد العنبري
- ارشيف الكاتب


قتلت لأنها كانت تريد أن تستنشقوا عبير الورد قتلت لأن قلبها النظيف كان يبحث لكم عن حياةٍ أنقى وأجمل قُتلت لأن روحها كانت تشمئز من رائحة القذارة التي عجزت أيديكم الملطخة عن التخلص منها إن ما حدث مع الأستاذة إفتهان المشهري ليس جريمة عابرة بل وصمة عار على جبين مجتمعٍ بات يتفرج على الذباب يتسيد المشهد فيما الورد يقطف ويسحق فقط لأنه جميل.

لقد سقطت ضحيةً للهمجية والفوضى سقطت لأنها آمنت بأن تعز يمكن أن تكون أفضل أن تكون أنظف أن تظل الحالمة كما سماها الشعراء لكنها اصطدمت بالواقع القبيح واقع من لا يريد للحياة أن تزهر من لا يريد للنظافة أن تنتصر من لا يريد للنساء أن يتقدمن خطوة واحدة في طريق الشرف والعطاء كانت إفتهان تحمل مكنسة لتكنس الشوارع لكنهم رأوا في ذلك تهديداً لمستنقعهم فاغتالوها أي انحطاطٍ هذا الذي بلغ بالقتلة حدّ محاربة امرأة خرجت لتزرع الورد في طرقاتكم؟

إن جريمة قتل إفتهان ليست مجرد فعل وحشي استهدف فرداً بريئاً بل هي جريمة ضد تعز كلها ضد حلمها وطموحها ومستقبلها إنها إعلان صارخ أن الذباب لا يريد أن يشم سوى روائح البلاليع وأن أصحاب العقول الملوثة يرفضون أن تغسل رؤوسهم من أدران الجهل والقبح كل من يبرر هذه الجريمة أو يتغاضى عنها شريك في الجريمة وكل من يصمت عن القتلة فقد تنازل عن إنسانيته.

إفتهان لم تكن مجرد موظفة بل رمزٌ للمرأة اليمنية المكافحة التي تحمل على عاتقها همّ المجتمع والتي تبذل وقتها وجهدها لتصنع فرقاً رغم القيود والظروف القاسية سلامٌ على روحها وهي تعلو اليوم فوق كل محاولات التشويه سلامٌ على عطرها الذي لن تقتله رصاصات الغدر بل سيظل يفوح في قلوب الشرفاء والأحرار.

أما القتلة فقد كسبوا العار وسيظلون مطاردين به ولو بعد حين التاريخ لا يرحم المجرمين والأرض تلفظهم كما تلفظ السموم والشعوب لا تغفر لمن يطفئون مصابيحها ومهما تزيّنوا بأقنعة سيبقون أوضح مثال على الخسة والدناءة.

يا أهل تعز يا من حلمتم أن تكون مدينتكم جنةً على قمم الجبال لا تتركوا الدم يضيع سدى لا تجعلوا هذه الجريمة تمر كما مرّت غيرها اكنسوا الأوساخ من الحالمة لا تتركوها مرتعاً للذباب ولا تسمحوا بأن يتحول عبير الورد إلى مجرد ذكرى حزينة فإن لم تتحركوا اليوم لتطهير شوارعكم وقلوبكم وأحيائكم من كل أشكال القذارة فسيكبر الذباب حتى يبتلع الورد كلّه.

إن دم إفتهان أمانة وأي صمتٍ عنها هو خيانة وأي تهاونٍ في ملاحقة القتلة هو رضوخ للظلام لتكن صرختكم في وجه الفوضى قوية لن نسمح بقتل أحلامنا لن نسمح بوأد طموحات نسائنا لن نسمح أن تتحول تعز الحالمة إلى مقبرةٍ للورد.

المجد لكِ يا إفتهان وألف سلامٍ لروحك الطاهرة والعار كل العار للقتلة والمستقبل سيكنسهم كما تُكنس الأوساخ من شوارع الحالمة.